تدهور سعر الريال اليمني في الآونة الأخيرة ليصل إلى حدود قياسية غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب في البلاد، الأمر الذي أدى إلى مفاقمة الأزمة الإنسانية التي يعيشها المواطنين في المناطق التابعة للحكومة الشرعية، أزمة تشمل مختلف الجوانب الحياتية والمعيشية تنعكس في ارتفاع الأسعار بصورة مضاعفة.
قطاع الأدوية، واحد من أكثر القطاعات التي تأثرت نتيجة ارتفاع سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية، لاعتماده بشكل أساسي في توفير احتياجات السوق من الأدوية على الاستيراد من الخارج.
يقول أسامة الصبري في حديثه لموقع يمن فريدم:" نتيجة لارتفاع سعر الصرف بصورة مباشرة اليوم الثاني تلاقي الأسعار في السوق قد تغيرت، العلاج اللي كنت آخذه لأبي بعشرين ألف، اليوم اشتريته بواحد وثلاثين ألف، وعادنا لفيت عشر صيدليات وما لقيته إلا بعد تعب".
يعاني والد أسامه من أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، قرر له الطبيب أدوية يأخذها بصورة مستمرة، ومع ارتفاع الأسعار بات من الصعب توفير الدواء كما في السابق، الأمر الذي ينعكس بصورة سلبية على حياة المرضى، ما يجعل حياتهم في خطر دائم.
قبل الأزمة وبعد
لم يكن قطاع الأدوية بحال أفضل قبل ارتفاع سعر الصرف، فأزمة الدواء مرتبطة بصورة وثيقة بالحرب التي أثرة بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي، مما أدى إلى تدهور مستمر للريال اليمني دون عمل حلول للحد من انهيار العملة المحلية، ليتحمل المواطنين ثقل أزمات لا نهاية لها.
محمد الجرادي شاب من تعز يقول في حديثه لـ "يمن فريدم"، إن لديه طفلة في الرابعة من عمرها تعاني من ضمور في الدماغ أدى إلى شلل كامل في حركتها وفقدت قدرتها على الكلام، ونتيجة لارتفاع أسعار الأدوية أصبح من الصعب تأمين تلك الأدوية.
ويضيف: "هذا العام بدأت حالة بنتي تتحسن وتتحرك شوية وتنطق بعض الكلمات، ولكن جاءت هذه الأزمة، العلاج سعره غالي جدًا، قبل يومين رحت للدكتور قلت له يغير لي أصناف أخرى سعرها معقول".
الدكتور أمين جلعوم، مالك صيدلية الشامخ، يقول "إن تهاوي قيمة العملة المحلية انعكس بصورة مباشرة على فئة الأمراض المزمنة نتيجة لارتفاع سعر الأدوية أضعاف مما كانت عليه من قبل، الأمر الذي أدى إلى مفاقمة معانتهم وأصبح الكثير على حافة المضاعفات الخطيرة والمهلكة لهذه الأمراض".
ويضيف في تصريحه لـ "يمن فريدم" " أدوية الأمراض المزمنة غالية نسبيًا مقارنة بالأدوية الأخرى، ومع تدني الدخل وارتفاع سعر الصرف، أصبح توفير هذه الأدوية أمرًا صعبًا، مما أضطر البعض لشراء بدائل رخيصة نسبيًا لكن جودتها قد لا تعطي الفعالية المرجوة منها".
المواطن الضحية
يعود الارتفاع المتواصل في أسعار الأدوية إلى أسباب كثيرة تبدأ بتدهور قيمة العملة المحلية لتأثر على قطاعات واسعة، بالإضافة إلى زيادة تكاليف النقل والاستيراد والتأمين، بحسب محمد الصوفي مدير الهيئة العليا للأدوية بتعز.
ويضيف الصوفي في تصريحه: " ارتفاع سعر العملة أدى إلى ارتفاع جنوني بأسعار الأدوية، وصعب إننا أنقص سعر الدولار، أو أنقص عملية الشحن والنقل أو إننا أوقف الحرب، ولكن كانت إمكانيات الهيئة محدودة في توفير مجال للتنافس في قطاع الدواء وبالتالي توفير دواء بسعر مناسب للمريض".
يؤكد الصوفي أن تذبذب سعر الصرف لا يؤدي إلى ندرة في الأدوية، لكنه يجعل التاجر في مرحلة قلق وحذر، فالتاجر سوف يستورد على أي حال، لكن البيع بالآجل تضر به عند التحصيل، فلا يوجد ضمان لاستقرار سعر الصرف عند حد معين، وينعكس بصورة سلبية على أسعار الأدوية.
منيب المجاهد، مدير فرع شركة المحضار لاستيراد الأدوية في تعز، يقول إن ارتفاع أسعار الصرف يجعل المواطن هو الضحية الذي يدفع الثمن، وبخاصة مع تدني الدخل بشكل كبير وانعدام فرص العمل، بالإضافة إلى الأزمات المعيشية وارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وعن الأصناف المختلفة والشركات البديلة، يقول في تصريحه لـ "يمن فريدم" " احنا شركة تستورد أدوية من شركات رسمية وغالية نسبيًا، بعض التجار يشوف وضع المواطن متدهور يستورد أدوية رخيصة نسبيًا، شركات بديلة، لكن التركيبة الكيميائية لهذه الأدوية قد تكون غير نافعة والمواطن أصبح يدور الحاجة الرخيص سواء ينفع والا ما ينفع والكثير غيروا الأدوية لشركات بديلة بسبب ارتفاع أسعارها".
هكذا إذا أصبح سوق الدواء في اليمن قائمًا على الوضع الاقتصادي في البلاد، وتتأثر أسعار الأدوية بتقلب سعر العملة، فالتجار يأخذون حذرهم بصورة مسبقة لتأمين رأس مالهم وعدم الوقوع في الخسارة، ذلك ما يجعل أسعار الأدوية تصل إلى مبالغة باهظة يعجز المواطن العادي عن توفيرها، ما يجعل حياة المرضى في تهديد مستمر.