17 مايو 2025
9 مايو 2025
يمن فريدم-نور الدين


هزت سلسلة انفجارات ميناء بندر عباس الإيراني، يوم السبت 26 أبريل 2025، تلتها حرائق ضخمة التهمت ساحاته الرئيسية. جهود الإطفاء واجهت صعوبات كبيرة، في ظل تعتيم رسمي إيراني على ما جرى.

تحصل ميليشيا الحوثي، التي تسيطر على مساحات واسعة من اليمن، على دعم وتسليح مباشر من إيران إنطلاقًا من ميناء بندر عباس، الذي شهد التفجيرات الأخيرة، وهو المنفذ البحري ذاته الذي تنطلق منه شحنات السلاح باتجاه اليمن، سواء نحو الحديدة، أو عبر المهرة، وأحياناً عن طريق الصومال. فماذا نعرف عن هذا الميناء الغامض؟

اهتز جنوب إيران على وقع انفجار هائل في ميناء "الشهيد رجائي" بمدينة بندر عباس. سُمع دوّي الانفجار على بُعد عشرات الكيلومترات، وسحب الدخان غطت السماء فوق الخليج العربي.

الحرائق المشتعلة أثارت التساؤلات، والبيان الرسمي تحدث عن "حادث عرضي" ناتج عن مواد كيميائية.

لكن خلف ألسنة اللهب، تقبع رواية أخرى: رواية ميناء ليس فقط شرياناً تجارياً، بل أحد أبرز أدوات إيران في صراع النفوذ الإقليمي، وتحديداً في اليمن.

الانفجار وقع صباح السبت 26 أبريل 2025، في أحد أكبر مستودعات ميناء "الشهيد رجائي" الميناء الأهم في إيران.

الرواية الرسمية أشارت إلى تفاعل كيميائي أدى إلى حريق هائل. لكن شهود عيان تحدّثوا عن انفجار غير طبيعي، سُمع صوته من مسافة 20 كيلومتراً، وتطايرت الحاويات في الهواء.

الصور التي انتشرت على وسائل التواصل أظهرت انفجاراً لا يمكن أن يكون ناجماً عن مواد تنظيف أو وقود عادي.

الأرقام الرسمية أشارت إلى سقوط 70 قتيلاً وأكثر من 1200 جريح، وخسائر تقدر بـ300 مليون دولار. لكن خلف هذه الأرقام، برز السؤال الأخطر: ما الذي كان يُخزَّن فعلاً داخل هذا المستودع؟

وأفادت تقارير غربية أن المستودع كان يحتوي على مكونات أسلحة وصواريخ قصيرة المدى، بعضها مخصص لجماعات موالية لإيران، خصوصاً الحوثيين.

هنا بدأت الصورة تتضح: ميناء بندر عباس، وتحديداً رصيف "الشهيد رجائي"، ليس مجرد مرفأ اقتصادي، بل عقدة لوجستية يستخدمها الحرس الثوري لنقل شحنات السلاح عبر البحر.

من هذا الميناء، تنطلق السفن، بعضها تجاري وبعضها قوارب صيد، حاملة أسلحة خفيفة، بنادق، صواريخ، طائرات مسيرة، بل وحتى أنظمة اتصالات مشفّرة تُستخدم في جبهات اليمن.

وأكد تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة حول اليمن يناير 2024، أن بندر عباس هو نقطة الانطلاق الرئيسية لتهريب الأسلحة إلى الحوثيين. يشرف على العمليات فيلق القدس، ويتم نقل الشحنات بدايةً على سفن مدنية، ثم تُفرغ في عرض البحر إلى قوارب صغيرة.

من هناك تبدأ الرحلة السرية عبر مضيق هرمز، نزولاً بمحاذاة سواحل سلطنة عمان، ثم إلى خليج عدن.

وتصل الشحنات إلى سواحل لا تخضع لرقابة مشددة في اليمن، عبر ثلاثة مسارات: الأول نحو ميناء الحديدة، الثاني عبر المهرة ثم داخل اليمن، والثالث مروراً بالصومال حيث تتولى حركة “الشباب” نقلها للحوثيين.

معظم السفن لا ترفع أعلام دول، وغالباً ما تغلق أنظمة تتبعها. الجزء الأخطر يبدأ عند الاقتراب من الشواطئ اليمنية، حيث تُنقل الشحنات إلى قوارب أصغر أو تُخزَّن مؤقتاً في جزر نائية، ثم توزع براً باتجاه صعدة والحديدة وصنعاء.

في فبراير 2021، اعترضت البحرية الأميركية سفينة تحمل 3,000 بندقية هجومية من طراز AK-47 متجهة للحوثيين. وفي ديسمبر 2022، ضُبطت شحنة طائرات مسيرة إيرانية كانت مطابقة لتلك التي استُخدمت في هجمات على السعودية.

تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) لعام 2023 خلُص إلى أن تهريب السلاح للحوثيين بات جزءاً راسخاً من استراتيجية إيران الإقليمية، ويبدأ دائماً من ميناء بندر عباس.

وكشفت مصادر ميدانية من اليمن أن الشحنات، فور دخولها الأراضي اليمنية، تُنقل بسرعة عبر طرق برية تحميها جماعات موالية للحوثيين.

يتم تخزينها في أنفاق أو مخازن سرّية، وتُستخدم أحياناً لإعادة تصنيع الصواريخ أو تعديل الطائرات المسيرة، لتوزَّع لاحقاً على مختلف الجبهات.

وهكذا، يتحول السلاح الإيراني إلى جزء من النزيف اليومي في اليمن.

عودة إلى انفجار بندر عباس: للمرة الأولى منذ سنوات، يفتح هذا الحادث الباب أمام أسئلة حساسة داخل إيران وخارجها. هل ما حدث نتيجة خطأ بشري؟ أم عمل خارجي؟ ولماذا تُخزَّن مكونات متفجرة في ميناء تجاري؟ ورجّحت تقارير استخباراتية غربية أن الانفجار ناجم عن تفاعل مواد تدخل في تصنيع وقود الصواريخ، وكانت في طريقها إلى الحوثيين أو "حزب الله". الانفجار لم يوقف سلسلة التهريب، لكنه ألقى الضوء عليها بقوة.

تتصاعدالضغوط الدولية على إيران. حيث أصبح ملف تهريب السلاح مطروحاً أمام مجلس الأمن مجدداً.

وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) تشديد الرقابة البحرية، بينما تتصاعد الدعوات لوقف الدعم العسكري للحوثيين.

لكن يبقى السؤال: هل يمثل انفجار بندر عباس بداية النهاية؟ أم مجرد فصل جديد في صراع مستمر؟ المؤكد أن السلاح لا يسير وحده، بل يُنقل ويُخبأ ويُستخدم في قتل الأبرياء.

(موقع الدفاع العربي)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI