10 مايو 2025
11 إبريل 2025
يمن فريدم-DWعربية


أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال لقائه بنظيره المغربي ناصر بوريطة يوم الثلاثاء (التاسع من نيسان/ أبريل 2025) في واشنطن، أن الحل الوحيد للنزاع حول قضية الصحراء الغربية، لا يمكن أن يقوم إلا على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه الرباط، في موقف يعيد تأكيد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على المنطقة المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.

وأوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أن روبيو أعاد خلال لقائه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في واشنطن، التأكيد على موقف بلاده الثابت، مشيرة إلى أن المقترح المغربي يعد "جادا وموثوقا وواقعيا".

وأضافت بروس أن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية يمثل "الحل الوحيد الممكن"، ودعت إلى إطلاق مفاوضات "دون تأخير"، باستخدام المقترح المغربي كإطار وحيد.

ما مصير العلاقات الجزائرية الأمريكية؟

واعترفت إدارة ترامب في نهاية ولايته الأولى بمطالبات المغرب بالسيادة على الصحراء الغربية في إطار اتفاق وافق بموجبه المغرب على تطبيع علاقاته مع إسرائيل، كما جدد مجلس الأمن الدولي في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 دعوته إلى المغرب وبوليساريو والجزائر وموريتانيا لاستئناف المفاوضات، بهدف التوصل إلى حل "دائم ومقبول من الطرفين".

وبينما يشترط المغرب حصر النقاش في إطار مقترح الحكم الذاتي، تصر جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر على استقلال الإقليم، متمسكة بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، استنادا إلى اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.

وفي ظل الإعلان الجديد لإدارة ترامب، أبدت الجزائر أسفها على الموقف الأخير للخارجية الأمريكية، خاصة أن هذا التطور يأتي في وقت تشهد العلاقات الجزائرية الأمريكية تقاربا خاصة فيما يتعلق بالتعاون الأمني والاقتصادي، إضافة للانفتاح على ملفات تعاون أخرى.

وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان لها أنها "تأسف لتأكيد هذا الموقف من قبل عضو دائم في مجلس الأمن يفترض فيه الحرص على احترام القانون الدولي بشكل عام وقرارات مجلس الأمن بشكل خاص". مضيفة أن "الصحراء الغربية لا تزال إقليما غير متمتع بالحكم الذاتي بالمعنى الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، ولا يزال شعب هذا الإقليم مؤهلا لممارسة حقه في تقرير المصير".

واعتبرت الخارجية الجزائرية أن "أي حياد عن هذا الإطار لا يخدم بالتأكيد قضية تسوية هذا النزاع، مثلما أنه لا يغير البتة من الحقائق الأساسية اللصيقة به والتي أقرتها وثبتتها الأمم المتحدة عبر جميع هيئاتها الرئيسية، بما في ذلك الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية".

ويرى المحلل السياسي التونسي غازي معلى، أن "العلاقة ما بين إدارة ترامب الأولى والثانية والجزائر تبقى ملتبسة"، معتبرا أنه "رغم مذكرات التفاهم التي وقعت بين الجانبين على المستوى العسكري خلال إدارة بايدن، حيث ساد نوع من التفاهم حول مجموعة من الملفات خاصة العسكري والأمني وأيضا النفط والغاز، إلا أن موقف إدارة ترامب التي تدعم بشكل واضح وقوي السلطة المغربية في توجهها حول موضوع الصحراء، قد يجعل العلاقة الجزائرية الأمريكية تتأثر نوعا ما".

هل يتكرر سيناريو الأزمة مع فرنسا؟

يتقاطع تجديد الدعم الأمريكي مع موقف فرنسي مماثل أُعلن قبل أشهر على لسان رئيس البلاد مانويل ماكرون، الذي عبر خلال زيارة إلى الرباط في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي عن دعم بلاده لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، بعد فترة من الغموض في الموقف الفرنسي الرسمي.

لكن المحلل معلى يرى أن هناك اختلافا بين العلاقات الجزائرية الفرنسية ونظيرتها الأمريكية، قائلا "لا ننسى أيضا أن حتى الموقف الفرنسي الذي كان مساندا للمغرب، وعلى إثره طفت التوترات على سطح العلاقات الجزائرية الفرنسية، بدأ بعده الود يعود بين البلدين، وهو ما قد يحصل أيضا مع أمريكا".

ولا يرى المتحدث أن الأمر قد يصل لتصعيد مشابه من الجزائر تجاه أمريكا، وذلك لأن "العلاقات مع فرنسا تحكمها ملفات معقدة منها الهجرة والتاريخ وغيرها، لكن مع أمريكا هي علاقة استراتيجية ومن غير المتوقع أن تصير بهذا التشنج بل ستكون أقل حدة"، بحسبه.

العلاقات المغربية الجزائرية.. أي مستقبل؟

لطالما كان ملف الصحراء، أساس كل توتر طارئ على العلاقات بين البلدين الجارين، المغرب والجزائر، ورغم سياسة "اليد الممدودة" التي يعلن عليها المغرب في خطابات عديدة ألقاها ملك البلاد، مثل خطاب العرش لسنة 2023 والذي وصف خلاله العلاقات بين المغرب والجزائر بالمستقرة، وآملا في أن "تكون أفضل"، إلا أن الجزائر لا تخطو نحو المغرب بخطوات مشابهة. وحسب المحلل السياسي غازي معلى، فالعلاقات الجزائرية المغربية في ظل المستجدات "ماتزال متوترة وقد تتوتر أكثر".

إلا أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، فللجزائر حسب المتحدث "علاقات متوترة أيضا مع الجيران بالجنوب، مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو بينما المغرب يبني مع هذه الدول علاقات أقوى". كما أشار معلى أن "التقارب الجزائري الفرنسي بعد طول أزمة، قد يساعد على أن يسود الهدوء في هذه العلاقات، نظرا إلى أن الجزائر تشهد صراعات على كافة الواجهات ولابد أن تديرها، فليس من مصلحتها أن تستمر التوترات على جميع الجبهات".

ما الحل أمام الجزائر؟

بعدما برزت بعض المؤشرات على تقارب بين الجزائر وأمريكا، جاء البيان الجزائري بلهجته الغاضبة ليطرح تساؤلا حول مصير هذا التعاون بين البلدين.

كان قد حل قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا، مايكل لانغلي بالجزائر في كانون الثاني/ يناير الماضي، لتوقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون العسكري بين وزارة الدفاع الجزائرية ووزارة الدفاع الأمريكية.

كما أعلن بداية السنة أيضا عن توقيع اتفاقية لإنجاز دراسة حول إمكانات موارد المحروقات في المناطق البحرية الجزائرية، تمتد لمدة 24 شهرا"، وفق بيان لوزارة الطاقة.

برزت هذه التقاربات بين البلدين في فترة تعيش فيها الجزائر "عزلة إقليمية" حسب المحلل معلى، "من حيث علاقتها مع المغرب ودول جنوب الصحراء، وأيضا مع ليبيا، بينما الحليف الوحيد بالنسبة لها هو تونس". أما على المستوى الأوروبي، فعلاقاتها أيضا ليست على ما يرام مع العديد من الدول، وتشهد توترات من حين إلى آخر".

ويضيف المتحدث مستحضرا المستجدات، أنه "إذا كان مجلس الأمن وخاصة أمريكا، تفكر في غلق الملف لصالح المغرب، فأغلب الظن أن الجزائر ستكون لها رد فعل، ولن تبقى مكتوفة الأيدي، فهي منذ سنوات مساندة للبوليساريو، وإذا لم تكن الحلول في صالح الجبهة فالجزائر ستصعد".

الدبلوماسية المغربية.. ما سر التأثير؟

فتحت حوالي 30 دولة قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة بالصحراء الغربية، تأكيدا لمساندتها للاقتراح المغربي في السنوات الأخيرة، وهو ما يؤشر على فعالية النهج الدبلوماسي الذي يتعامل به المغرب مع قضية الصحراء، بينما تتقهقر علاقات الجزائر الجارة مع العديد من الدول بسبب هذا الملف.

وهو ما يلاحظه المحلل السياسي معلى، الذي اعتبر أن " علاقات المغرب سواء مع الاتحاد الأوروبي أو فرنسا هي علاقات ممتازة برزت أكثر بعد زيارة ماكرون للمغرب، واليوم يتضح أن أمريكا اختارت دعم الجانب المغربي عبر تصريحات وزير الخارجية الأمريكي".

أما على المستوى الإقليمي، فيرى المتحدث أن هناك "تطورا لعلاقات المغرب مع دول جنوب الصحراء، بينما تتقلص علاقات الجزائر مع كل هذه الأطراف والجهات الدولية والإقليمية".

السبب يُعزى حسب المتحدث لـ "الاستراتيجية الواضحة للنظام المغربي منذ سنوات عديدة في ملف الصحراء، بينما تبدو قرارات الجزائر مرتجلة، أو تتجلى في ردات فعل على أحداث آنية، ولا يسبقها أي تخطيط استراتيجي".
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI