2 يوليو 2025
14 يونيو 2025
يمن فريدم-أحلام المقالح


في ظل واقع اجتماعي متأزم منذ سنوات اندلاع الحرب، يأتي دور لجنة التوافق والمصالحة المجتمعية في مدينة تعز لترسيخ العدالة التصالحية وبناء جسور الثقة بين أبناء المجتمع، من خلال تحركات ميدانية تسعى لمعالجة الانقسامات، وتسوية النزاعات من خلال العدالة التصالحية والحوار المجتمعي.

تشكيل لجنة التوافق وآلية اختيار أعضائها

تأسست لجنة التوافق والمصالحة في يناير 2025، ضمن مشروع (SPARK) الذي تنفذه رابطة أمهات المختطفين بالشراكة مع منظمة سام للحقوق والحريات ويموله معهد DT، كواحدة من أبرز الآليات المحلية التي تسعى إلى رأب الصدع المجتمعي في أربعة مديريات مستهدفة في مدينة تعز ، وتشكّلت اللجنة من عشرة أعضاء: خمسة ممثلين عن رابطة أمهات المختطفين، وخمسة عن منظمة سام للحقوق والحريات، وفقا لتصريح عصام الصبري مدير المشروع .

راعت عملية التشكيل تحقيق تمثيل مجتمعي متوازن من مختلف مديريات المحافظة، حيث ضمّت اللجنة في عضويتها قاضيًا، وممثلًا عن النساء، وممثلًا عن المهمشين، إضافة إلى باحثين ميدانيين معنيين برصد النزاعات والاحتياجات على الأرض. كما تم اعتماد هيكل داخلي للجنة يضم رئيسًا، ونائبًا للرئيس، وسكرتيرة، ومسؤولًا للعلاقات، وآخر للمتابعة والتنسيق.

تشمل المديريات المستهدفة من عمل اللجنة: مقبنة، الشمايتين، المعافر، والمظفر، حيث تُشرف الرابطة على مديريتي مقبنة والشمايتين، بينما تُشرف منظمة سام على مديريتي المعافر والمظفر، ضمن توزيع وظيفي يغطي النطاق الجغرافي للمبادرة.

دور لجنة التوافق والمصالحة

بدأت اللجنة أعمالها من خلال منهجية دقيقة اعتمدت على جمع المعلومات والوثائق وتحديد النزاعات ذات الأولوية. ووفقًا لتصريحات عبدالله جسار - رئيس اللجنة ، فاللجنة تقوم بتوثيق القضايا، وبناء قاعدة بيانات ميدانية عن الضحايا، والمتضررين، والأطراف المختلفة، وهو ما اعتُبر خطوة حاسمة لا يمكن التحرك دونها لضمان النزاهة والمصداقية.

أظهرت اللجنة أداءً فاعلًا في التواصل مع جميع الأطراف من الضحايا والسلطات المحلية إلى الفاعلين المجتمعيين، بل حتى أولئك الذين قد يكونون طرفًا في النزاع. وقد لوحظ تجاوب واسع من السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في المديريات المستهدفة ما عزز من حضور اللجنة ودورها التصالحي.

تحرّك ميداني لحل النزاعات

خلال شهر مايو، نفذت اللجنة عددًا من اللقاءات والاجتماعات الميدانية، أبرزها زيارة مدير عام مديرية الشمايتين ، حيث تمّت مناقشة قضايا مجتمعية حساسة مثل قضية "ماء العلقمة"، وقضية مقتل محمد طارق ، ومقتل أحد المواطنين من فئة المهمشين في سوق السبت.

وفي لقاءات متعددة، عمل أعضاء اللجنة بالتنسيق مع وسطاء محليين من منطقة البذيجة، على تقريب وجهات النظر في قضية العلقمة، مؤكدين وجود تفاهمات أولية بين أطراف النزاع يمكن البناء عليها.

تحديات مقابل نجاحات

تُعاني اللجنة من تحديات لوجستية ومالية كما أوضح لنا رئيس اللجنة ، أبرزها ضعف الدعم المادي الذي يعرقل حركة أعضائها وتدخلاتهم السريعة. كما تواجه أحيانًا تعنتًا من بعض الأفراد، مما يستدعي تكرار الزيارات والمفاوضات لجمع المعلومات الدقيقة.

في المقابل، سُجِّلت للجنة قصص نجاح لافتة، منها تدخلها في قضية احتراق ناقلة نفط، جمع الوثائق اللازمة بشأنها بالتعاون مع الجهات المحلية، ومساهمتها في حل نزاع مجتمعي معقد حول مشروع مياه بين قريتين من مديريتي مشرعة وحدنان والمسراخ، حيث نجح الفريق، بقيادة رئيس اللجنة، في تهدئة الوضع وإعادة تفعيل المشروع.

ويؤكد جسار أن المجتمع المحلي متعطش للعدالة التصالحية، متعاونٌ بشكل لافت، ويبحث عن الأمن والاستقرار بعد سنوات من التمزق. ويرى أن بناء السلام يبدأ من الاعتراف بالضحايا، وتوثيق الحقائق، وتوفير منصة آمنة للحوار، وهو ما تسعى إليه اللجنة ضمن رؤية تمتد نحو العدالة الانتقالية الأشمل.

نحو حلول مستدامة

تُعدّ تجربة لجنة المصالحة المجتمعية في تعز مثالًا حيًّا على فعالية العمل المحلي في إدارة النزاعات، وقدرتها على التخفيف من حدة التوترات الاجتماعية، عبر الحوار والمقاربة التصالحية ، بجهود تطوعية يقودها أبناء المجتمع أنفسهم.

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI