23 أكتوبر 2025
16 أكتوبر 2025
يمن فريدم-عيسى النهاري


لفتت المواقف العفوية والارتجالية لدونالد ترمب في قمة شرم الشيخ انتباه كثرٍ، لكن ما لم يحظَ بالقدر نفسه من الاهتمام هو الدعوة التي قدمتها إدارته إلى إيران لحضور القمة التي شهدت مراسم توقيع اتفاق وقف الحرب في غزة، ورفضتها طهران لأسباب متعلقة بالعقوبات والهجمات الأمريكية.

تدل الدعوة على رغبة إدارة ترمب في إحياء المفاوضات النووية التي توقفت بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران، لكن الأخيرة رفضت حضور القمة التي نظمتها مصر والولايات المتحدة، ولا تبدو مستعدة للعودة للمحادثات، منذ الهجوم الأميركي على الجواهر الثلاث لبرنامجها النووي في يونيو/ حزيران الماضي.

وبينما أصبحت قمة شرم الشيخ خطوة أولى للدفع نحو نهاية حرب غزة، إلا أن هناك قضايا حاسمة لم تحل ولا تزال تلقي بتداعياتها على الشرق الأوسط، ومن بينها الطموحات النووية الإيرانية، إضافة إلى مستقبل الحكم في غزة ونزع السلاح، والطريق نحو إقامة دولة فلسطينية.

ولتحقيق تسوية مستدامة، ترى رئيسة برنامج الشرق الأوسط في "تشاتام هاوس" سنام وكيل أن إدارة ترمب بحاجة إلى توسيع نطاق جهودها الدبلوماسية وعدم حصر تركيزها في المسار الإسرائيلي – الفلسطيني، مشيرة إلى تأثير التوتر مع إيران في مساعي تحقيق السلام الإقليمي الأوسع.

الوضع الإيراني

لم تكن إيران في حال جيدة سواء قبل حرب الـ12 يوماً أو بعدها، فاقتصادياً لا تزال تعاني تقلبات العملة وارتفاع التضخم وشبه انعدام الاستثمارات الأجنبية. أما استراتيجياً، فتقلصت قدراتها إثر سقوط بشار الأسد وإضعاف وكلائها في لبنان واليمن والعراق واستهداف برنامجها النووي. وأخيراً، عمقت العقوبات الأوروبية المعاد فرضها الورطة الإيرانية بعد تجميد الأصول وحظر الأسلحة وتقييد تجارة الطاقة.

وتشير المقالة المنشورة في معهد "تشاتام هاوس" إلى أن هذه العوامل والتحولات تمثل فرصة للولايات المتحدة للإعلان عن مسار دبلوماسي واضح لمعالجة وضع إيران في النظام الإقليمي، بهدف منعها من معاودة بناء برنامجها النووي وتشكيل وكلاء جدد وتقوية علاقاتها القديمة، ضمن مسعاها لإعادة إرساء الردع وبناء دفاعاتها الجوية استعداداً لمواجهة ثانية محتملة مع إسرائيل.

وتحذر الكاتبة من أن احتواء إيران من دون مسار دبلوماسي ليس سوى حل موقت، لا يرقى إلى استراتيجية مستدامة، مطالبة واشنطن بالجمع بين الردع العسكري والدبلوماسية لوضع حد لبرنامج إيران النووي، والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي الذي يمتلك القدرة على الجمع بين العقوبات والحوافز.

كما تشدد وكيل على ضرورة إشراك الأطراف الإقليمية في المفاوضات، وإدراج السعودية كوسيط في الحوار المقبل بين واشنطن وطهران، لبناء روابط اقتصادية وتقديم ضمانات أمنية، مشيرة إلى أن الرياض واصلت مسار تطبيع العلاقة مع إيران ولديها مصلحة مباشرة من تعزيز استقرار المنطقة.

وتنادي الباحثة بتبني نهج شامل للتعامل مع إيران يوائم بين الردع العسكري والدبلوماسية، ما من شأنه أن يؤسس لتفاهمات حول رفض العدوان والتدخلات وحروب الوكالة، لمنع تجدد الحرب بين إيران وإسرائيل، وإرساء الهدنة في غزة وبناء الثقة، لافتة إلى أن وقف إطلاق النار في غزة إنجاز مهم لكن هناك مشكلات لم تحل بعد مثل مستقبل الحكم في غزة وإقامة الدولة الفلسطينية وضمانات الأمن الإسرائيلي، وما لم يجرِ التعامل مع التحدي الإيراني أيضاً، فإن أي سلام سيكون هشاً.

انقسام في واشنطن

على النقيض من الأصوات التي تنادي بالدبلوماسية، يرى الباحث في مركز "متحدون ضد إيران النووية" جيسون برودسكي أن إيران ستظل عنصر تعطيل بغض النظر عن أي إطار دبلوماسي لإعادة التواصل معها، ويشير إلى أن الرئيس ترمب أثبت باستمرار أنه مستعد للدخول في الدبلوماسية مع إيران، لكن النظام رفض عروضه، وخطوطه الحمراء وعلى رأسها الوصول إلى صفر تخصيب.

وقال برودسكي لـ"اندبندنت عربية"، "هذا المشهد عشناه سابقاً، فقد كان النظام معطّلاً أثناء وبعد فترة الاتفاق النووي لعام 2015، والواقع أنه لن يكون هناك أي مخرج دبلوماسي مستدام مع هذا النظام ما دام في السلطة"، مضيفاً أنه "من الممكن ردع إيران من دون اتفاق دبلوماسي، من خلال العقوبات والعزلة الدبلوماسية وتشكيل تهديد عسكري موثوق، بينما يستمر النظام الإيراني في رفض الخطوط الحمراء الأمريكية".

لكن حتى الآن يواصل ترمب إرسال الإشارات الإيجابية إلى إيران، فخلال خطابه أمام الكنيست، قال حول احتمال التوصل إلى اتفاق معها، "نحن جاهزون متى ما كانوا جاهزين، وسيكون ذلك أفضل قرار تتخذه إيران في تاريخها، وسيحدث ذلك"، وأردف أن "يد الصداقة والتعاون ممدودة، أؤكد لكم أنهم (الإيرانيون) يريدون عقد صفقة. سيكون أمراً رائعاً إذا تمكّنا من التوصل إلى صفقة".

لكن إيران تراقب تصريحات ترمب ومبادراته بعين الشك، خصوصاً بعدما بوغتت بالهجوم الإسرائيلي، بينما كانت تتفاوض مع إدارته حول البرنامج النووي، وأفادت تقارير بأن ترمب وبنيامين نتنياهو نسّقا معاً حملة إعلامية لخداع طهران وإيهامها بشعور زائف بالأمان قبل الهجوم.

ولا يبدو أن دعوة ترمب لإيران إلى حضور قمة شرم الشيخ كانت كافية لتجاوز إرث الماضي، غير أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أوضح موقف بلاده من العودة للمحادثات بقوله، "إذا تلقينا مقترحاً معقولاً ومتوازناً ومنصفاً من الأمريكيين لإجراء مفاوضات، فسننظر فيه بالتأكيد".

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI