12 سبتمبر 2025
10 سبتمبر 2025


لأن تجارب عديدة تخبرنا أن المجتمع الدولي لا يهتم بالأيديولوجيا وليس معنيا بترسيخ أنظمة حديثة، وشرط هذا المجتمع المسمى بالدولي للتعامل مع أي نظام في اليمن أن يشكل مواصفات كيان قادر على ضمان أمن الممرات الملاحية ووقف التهديدات بكل أشكالها.

لهذا السبب سيتعامل الآخرون مع من يسيطر على الأرض ويقدم ضمانات عملية، بغض النظر عن هويته.،ويمكن للطرف الذي يقدم الضمانات أن يطيل عمره في السلطة الشكلية هنا أو هناك حتى لولو لم يكن يحظى بمشروعية دستورية.

حكاية الشرعية الدستورية هذه ملهاتنا التي نتسلى بها بينما البقاء لمن يفرض حضوره. وتبقى إشكاليتنا نحن الحالمين بيمن جمهوري حر وخال من القوى الطائفية أو المتطرفة إشكالية عالقة بدون حل.

وتقييما للموقف الحالي وما يترتب عليه مستقبلا، سيبقى الخطر في اليمن الآن وغدا ليس سيطرة هذا الفصيل أو ذاك على الأرض، لان الخطر الحقيقي من الأساس يتمثل في استمرار غياب دولة المؤسسات، في ظل استمرار تحول فصائل عقائدية إلى سلطات أمر واقع مستدام (صنعاء/مأرب)، وسعيها لإقناع العالم بسيطرتها على الأرض سيطرة مطلقة. (نموذج أفغانستان أو الانقسام الراسخ في ليبيا أو الحرب اللانهائية في السودان) نماذج مرعبة.

السؤال الكبير والعالق الآن هل يمكن أن تنشأ في اليمن دولة من جديد؟ وإذا عادت لليمنيين بالفعل دولة في بلادهم، ما هي كلفة التحرر من شبكات الإخوان ومشرفيهم في مختلف المفاصل؟ أظنها مهمة أصعب بكثير من مهمة (كنس) المشرفين الذين يتبعون الطرف الانقلابي والغريم المعلن.

مشكلة اليمن في المستقبل مع الغرماء غير المعلنين الذين يعملون بدأب على فرض نفوذهم على بقايا دولة حتى وهي في وضعها المهلهل، ويردون ابتلاع كل شيء.

أقصد الطرف الإخواني الذي يعتبر نفسه (طرف أصيل) ويريد منذ الآن أن يبتلع كل شيء باسم الجمهورية والثورة، وهو يقصد مفهومه الإخواني لجمهورية (المرشد) أو المراقب العام.

ترى تهلل أسارير نجم الإخوان اللامع ومثقفهم البارع جمال أنعم وهو يحفز الخلايا الإخوانية في محاضرات علنية، وتثق أننا مقبلون على أزمة تتويج وترسيخ انقلاب جديد من داخل التحالف الهش الذي يواجه الانقلاب الأقدم.

قياسا بالمصالح والمكاسب التي حصل عليها الإخوان في أقسى ظرف تعيشه اليمن، وبالنظر إلى سعيهم المحموم لتحقيق التمكين الشامل لعناصرهم في كل المفاصل بما فيها وزارة الخارجية، لا تصدقوهم إذا تحدثوا في المستقبل عن حقهم في الحصول على ثمن (التضحيات).

الشعب وحده من قدم التضحيات أما شلل المطاوعة من كل الألوان فهم في نعيم ورخاء، وأسوأ كوابيسهم أن تنتهي هذه المرحلة التي ازدهرت فيها أحوالهم.

أتمنى أن يكون تنظيف مؤسسات الجيش والأمن والحكومة وإدارات المحافظات من السلفيين والإخوان شرط المجتمع الدولي في المستقبل، من أجل العودة إلى التعامل مع اليمن كدولة، إلا إذا كان التوجه العالمي سيـ (شرع) ن السلفنة والأخونة بالتنسيق مع هذه الجماعات، بناء على تنازلات ووعود تقدمها للرعاة لتمكينها من تثبيت أوضاعها، وبضمانات حلفاء مشتركين لها وللغرب، مثل تركيا.

هذا غير مستبعد إذا لم تلملم القوى السياسية (العلمانية) شتاتها. لأن البديل الجاهز لتقديم نفسه هم هؤلاء القوم، اتساقاً مع مرحلة يشهد خلالها العالم كله يقظة المتاجرين بالإيمان من كل الأصناف.

عموما المشكلة الحقيقية ليست في طموح الإخوان والسلفيين أو أي فصيل عقائدي آخر غيرهم. المشكلة تكمن في الفراغ الذي يناديهم وينادي غيرهم بالتموضع فيه بارتياح في ظل غياب البديل.

(من صفحة الكاتب في فيس بوك)

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI