اولاً: تنظر المملكة إلى أن القضية الجنوبية قضية عادلة (بالمعنى الحقوقي والسياسي؟)، وحقة (واقع لا يمكن نكرانه والقفز عليه).
وأن معالجتها تكون بالرجوع إلى ابناء الجنوب وفق حوار سياسي تمثل مخرجات الحوار الوطني إطاره العام.
ثانياً: تطورات الأحداث تشير إلى أن السعودية ما تزال عند موقفها هذا لكن مقتضيات أمنها القومي تستدعي حذرا في التعامل مع هذه القضية كي لا تنزلق إلى مزالق ضارة. خصوصا بسبب ادعاء احتكار التمثيل أو استعمال القوة لفرض رأي سياسي ما، كما يفعل الانتقالي، بإسناد دولة خليجية أخرى تنافسها النفوذ.
ربما ما حدث في محافظات الشرق قد رفع من استشعار المخاوف السعودية كي لا يتحول الجنوب -مجدداً- بعد حوالي نصف قرن إلى عامل تهديد وخنجر ايديولوجي وسياسي في خاصرتها الجنوبية.
كانت الشيوعية هي الخطر في تلك الايام. أما اليوم فان حصار السعودية حتى تركع لسياسة الهيمنة الاسرائيلية هو الخطر الداهم. إذا اعتبرنا ان الخطر الإيراني في تناقص مؤشره.
وبهذا نشوء اي جمهورية منفصلة عن اليمن الراهن يمثل حلقة من حلقات سلسلة التضييق هذه سيما والمجلس الانتقالي يقدّم عروضاً مغرية بالانضمام إلى الاتفاقية الإبراهيمية وربما يذهب أكثر من ذلك.
ما يهم هنا هو كيف يمكن توظيف الموقف السعودي لتعبئة كتلة وحدوية حرجة في الجنوب من الجنوبيين واعادة موضعة خيار الوحدة في سياق جديد منصف وتشاركي ويحافظ على سلامة وتراب اليمن ويعالج الحقوق المنتهكة.
اولاً، يمكن التقاط الموقف السعودية لدحض تلك الأصوات المتكاثرة انكساراً أو / دعاية التي تقول إن الوحدة اليمنية انتهت وتضعنا امام فراغ قانوني مريع يشرعن لها افعالها المعطلة للحكومة واتفاقات انتقال السلطة وانتهاكاتها بحق المدنيين.
ولكن يجب النظر إلى الوحدة اليمنية على أنها وحدة عقد اجتماعي جديد تشاركي ومنصف في إطار فيدرالي يحقق التنمية المطلوبة. لا مجال لوحدة الضم ان تعود.
ثانياً: يجب تكوين كتلة وحدوية فيدرالية يمنية (شمالية وجنوبية) تحضيراً لليوم التالي لما بعد استعادة الدولة لكن تحضريها يبدأ من الساعة، وكسراً لهمجية النزعة الانفصالية التي تضخ خطاباً عدوانياً وعنصرياً في آن ولا بأخذ من التاريخ عبرة.
لن تقود السيطرة العسكرية للانتقالي إلى سيطرة سياسية. ويجب في كل الاحوال كبح نفوذه السياسي الاجتياحي والحفاظ على توازن سياسي في الجنوب.
ويجب عدم التفريط بالنخب الجنوبية التي لديها تطلعات وموقف مغاير للانتقالي وسياسته. لها الحق الكامل في التعبير والحضور والانتظام وبناء تحالفات.
اسوأ ما يمكن فعله هو ترك هذه النخب فريسة غرور القوة العارية أو اعتبار الوحدة شأناً شمالياً فقط.
(من صفحة الكاتب في فيس بوك)