8 ديسمبر 2025
7 ديسمبر 2025
يمن فريدم-طارق الشامي


على رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تسعى من خلال استراتيجيتها الجديدة للأمن القومي إلى تحديد مبدأ جديد للسياسة الخارجية قائم على مبدأ "أمريكا أولاً" بهدف جعل الولايات المتحدة أكثر قوة وازدهاراً، فإن هذه الاستراتيجية التي تعد تحولاً أيديولوجياً وجوهرياً عما سارت عليه أمريكا منذ نهاية الحرب الباردة، يثير جدلاً في واشنطن حول انعكاسات هذا التحول على الولايات المتحدة والعالم، فما أبرز التحولات التي تضمنتها الاستراتيجية الجديدة؟ وما طبيعة التباينات بين المؤيدين والمعارضين؟ وكيف ستؤثر في الشرق الأوسط وأوروبا والقوى العظمى؟

إيجابيات وسلبيات

شكلت عملية تحديث الاستراتيجية الكبرى التي اعتمدتها الولايات المتحدة على مدى 80 عاماً بعد الحرب العالمية الثانية، والتي حققت نجاحاً وحافظت على قيادة واشنطن للعالم، التحدي الحقيقي الذي واجه واضعي استراتيجية الأمن القومي الجديدة، لكن أعظم نقاط قوة الاستراتيجية الجديدة تمثلت في تعزيزها المبادئ التقليدية السابقة التي لا تزال فعالة مثل دعمها الردع النووي ومنع القوى المعادية من الهيمنة على مناطق مهمة حول العالم، ودعوتها إلى تحالفات قوية في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، لكن مع تكثيف جهود الحلفاء للدفاع عن أنفسهم، وتحقيق شروط أكثر حرية وعدالة للتجارة العالمية، وتعميق المشاركة الاقتصادية في معظم مناطق العالم.

ومن إيجابيات وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي نشرها البيت الأبيض في 33 صفحة، أنها تقدم حلولاً إبداعية للتحديات الجديدة من خلال سياسات تعالج الجوانب السلبية للعولمة في مجال أمن الحدود، وتنشيط التصنيع المحلي وزيادة الاستمارات العالمية في الداخل ومع الشركات الأمريكية لزيادة ثراء الولايات المتحدة، ومن خلال طرح رؤية لتحقيق ما تتصوره عن النصر الأمريكي في سباق التسلح التكنولوجي الجديد كما يقول مدير مركز سكوكروفت للاستراتيجية ماثيو كرونيغ.

لكن مساحة الخلاف حول الوثيقة التي أحدثت تحولاً هائلاً في الجوهر والمضمون، بدت واسعة في واشنطن، إذ يرى أنصار ترمب مثل دان كالدويل، المستشار السابق لوزير الحرب الأمريكي بيت هيغسيث، أن الاستراتيجية الجديدة تعد واقعية بصورة حقيقية، وتمثل قطيعة مهمة مع الإجماع الفاشل بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول السياسة الخارجية بعد الحرب الباردة، التي شكل الوهم أساساً لها حول مصالح أمريكا ودورها في العالم، وما يمكن تحقيقه من خلال القوة العسكرية.

في المقابل، يرى الديمقراطيون وكثير من الباحثين الليبراليين أن الاستراتيجية الجديدة تعد مخططاً خطراً سيؤدي إلى تراجع أمريكا على الساحة العالمية، وإضعاف الولايات المتحدة وحلفائها، وعدَّها السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، تنذر بانتكاسات مثل التخلي عن الحلفاء، وإسقاط أوكرانيا، والتخلي عن الأهداف الاستراتيجية والقيم الرئيسة، معتبراً أن "أمريكا أولاً" تعني أمريكا وحدها، وأن الولايات المتحدة ستدفع الثمن وحدها في النهاية.

مدى أهمية الشرق الأوسط

وفقاً لنص تقرير الاستراتيجية الوطنية، فقد ولت الأيام التي هيمنت فيها منطقة الشرق الأوسط على السياسة الخارجية الأمريكية، سواء في التخطيط طويل المدى أو في التنفيذ اليومي، ليس لأن المنطقة لم تعد مهمة، بل لأنها لم تعد مصدر إزعاج دائم للولايات المتحدة أو مصدراً محتملاً لكارثة وشيكة كما كان في السابق، وهو ما يشير إليه وصف إيران وقواتها بالوكالة بأنها في حال ضعف شديد عقب حرب الـ12 يوماً مع إسرائيل والضربات الأمريكية على المواقع النووية، مما يعني أن إدارة ترمب تعمل على تقليص مسؤوليات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط جزئياً من خلال التركيز على زيادة صادرات الطاقة الأمريكية.

غير أن نهج استراتيجية الأمن القومي وميل ترمب إلى تقليص دور الولايات المتحدة في المنطقة يتناقضان مع نهج البيت الأبيض منذ عودة الرئيس إلى منصبه، إذ يمتلك الجيش الأمريكي الآن حضوراً قوياً في جنوب إسرائيل، ويشرف على خطة ترمب للسلام في قطاع غزة، كذلك يشارك البيت الأبيض بصورة كبيرة في الجهود المبذولة لنزع سلاح "حزب الله"، وأبدى الرئيس اهتماماً بالغاً بالمرحلة الانتقالية في سوريا، إذ رفع العقوبات، ودعا الكونغرس إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات للمساعدة في إعادة إعمار سوريا، وضغط على إسرائيل للدخول في حوار مع دمشق بشأن أمن الحدود، مما يعني أن ترمب لا يزال مهتماً بشدة بضمان مستقبل سلمي ومزدهر للسوريين، كما يشير متخصص دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك.

وما يثير الشكوك حول صدقية التزام ترمب بالنهج المحدد في استراتيجية الأمن القومي في الشرق الأوسط، تجارب الماضي، إذ ترشح الرؤساء الأربعة السابقون (اثنان منهم دونالد ترمب) فضلا عن أوباما وبايدن على أساس برنامج سياسي يقوم على تقليل التدخل الأمريكي في الشرق الأوسط، لكنهم انتهجوا سياسات متجذرة في الاستمرارية لا التغيير، الأمر الذي يجعل الجميع في حال ترقب عما إذا كان ترمب يمتلك الإرادة السياسية لتغيير المسار جذرياً في الشرق الأوسط والتوقف عن التورط في شؤون المنطقة، كما يقول جون هوفمان، الباحث في معهد كاتو.

ومع ذلك، تخطئ استراتيجية الأمن القومي الجديدة بافتراضها أن انخراط الولايات المتحدة في منافسة جيوسياسية مع الصين يساعد واشنطن على تقليص أهمية الشرق الأوسط، فالصين لديها طموحات عالمية تشمل الشرق الأوسط، وعلى رغم أنها لا تبدو مهتمة بتوفير الأمن والاستقرار في المنطقة، فإن قادة الصين يعتزمون أن يكونوا جهات فاعلة مؤثرة، وأظهروا قدرة على تقويض سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، سواء من خلال علاقات بكين مع إيران أو سياساتها في البحر الأحمر، وكلاهما جعل من الصعوبة على واشنطن احتواء أو تحييد التهديدات التي تواجه مصالحها.

لكن ما حددته الوثيقة وتوافق مع نهج ترمب هو تأكيدها أن الشرق الأوسط مصدر ووجهة للاستثمار الدولي، ودعوتها إلى التخلي عن تجربة الغطرسة الأمريكية الخاطئة في تعاملها مع دول المنطقة، ومحاولة دفعها إلى التخلي عن تقاليدها وأنماط إدارتها وحكمها التاريخية، وهو أمر يتوافق مع خطاب الرئيس ترمب في الرياض خلال مايو/ أيار الماضي، الذي أعلن فيه انتهاء عصر التدخل العام في شؤون دول الشرق الأوسط، ممتدحاً التنمية الاقتصادية المتسارعة والتغيرات الاجتماعية الجارية في جميع أنحاء دول الخليج، مؤكداً أن شعوب المنطقة قادرة على اتخاذ قراراتها الخاصة بشأن كيفية تنظيم مجتمعاتها، وعلى تحقيق إنجازات كبيرة من دون مساعدة من واشنطن، مما يعكس حكمة اكتسبتها إدارة ترمب بعد ثلاثة عقود من فشل الولايات المتحدة في تغيير سياسات وثقافات دول الشرق الأوسط.

وحتى بالنسبة إلى إسرائيل التي ظلت الولايات المتحدة تتعامل مع أهميتها في المنطقة من منطلق الادعاء بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي يجب الدفاع عنها، فقد تم وصفها (إلى جانب تايوان) في سياق الأهمية الاقتصادية لمنطقتيهما، وليس في سياق ارتباطهما بالقيم الأمريكية.

نظرة مشؤومة لأوروبا

تمثل استراتيجية الأمن القومي الجديدة لإدارة ترمب جرس إنذار حقيقي ومؤلم لأوروبا، إذ تكشف الوثيقة عن لحظة تباعد عميق بين نظرة أوروبا لنفسها ورؤية ترمب لأوروبا، إذ تكمن المشكلة الجوهرية للقارة العجوز وفقاً للاستراتيجية، في إهمال أوروبا القيم الغربية (يفهمها ترمب على أنها قيم قومية محافظة) وفقدان الهويات الوطنية بسبب الهجرة وانخفاض معدلات المواليد، وتعتبر الاستراتيجية أن النتيجة هي الركود الاقتصادي، والضعف العسكري، وإزالة حضارة أوروبا.

ويبدو أن المشاعر الكامنة وراء هذه الكلمات التي تثير الخوف من المهاجرين وتريد التمسك بأوروبا قديمة الطراز، هي موضع شك كبير، لأن أوروبا الحديثة نابضة بالحياة، ومتطورة، وسعيدة إلى حد كبير، كما تراها مديرة برنامج الاستخبارات والأمن القومي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة إميلي هاردينغ.

وفي تناقض واضح مع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول في الشرق الأوسط، يتهم هذا الإطار أوروبا بالرقابة وقمع المعارضة السياسية، في تكرار لانتقادات نائب الرئيس جي دي فانس التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة في مؤتمر ميونيخ للأمن 2025، وما يثير قلق الأوروبيين هو تأييد هذا النهج للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا.

لكن إذا كان اختبار الحليف الأوروبي هو مدى توافقه مع القيم القومية المحافظة لإدارة ترمب، كما تشير هذه الاستراتيجية، فإن هذا لا يبشر بالخير لمستقبل العلاقة عبر الأطلسي، لأن هذه الاستراتيجية الجديدة لا تمثل نهاية التحالف عبر الأطلسي القائم على القيم الليبرالية فحسب، بل تمثل أيضاً إعادة توجيه نحو تحالف غير ليبرالي كما تشير متخصصة الشؤون الأوروبية في مجلس العلاقات الخارجية ليانا فيكس.

وإذا كان خطاب فانس في ميونيخ في فبراير/ شباط الماضي قد تم تفسيره على أنه يمثل الآراء الأيديولوجية لنائب الرئيس باعتباره جزءاً من قاعدة ماغا "لنجعل أميركا عظيمة مجدداً"، فإن الآراء السياسية الرسمية للإدارة في سياق استراتيجية الأمن القومي الجديدة تزيل هذه الشكوك وترسخ أيديولوجية الإدارة الأمريكية، مما يتوقع أن يسرع جهود أوروبا للتحوط من واشنطن وبناء استقلاليتها.

وما يزيد من التباعد المحتمل بين أوروبا وأمريكا تجنب توجيه الاستراتيجية الأمريكية الجديدة أي انتقاد لروسيا التي لم تصنف كخصم للولايات المتحدة، بل حظيت بأولوية للعلاقة كقوى عظمى، تركز على الاستقرار الاستراتيجي معها، وترضيها بتأكيد رغبة الولايات المتحدة في منع توسع حلف الناتو ومعارضة سياسة الباب المفتوح، وبدلاً من ذلك، تم انتقاد الأوروبيين لغياب جهودهم نحو مسار سلام حقيقي في أوكرانيا وتوقعاتهم غير الواقعية للحلول.

اختفاء التنافس مع الصين

اختفى نجم تنافس الولايات المتحدة مع الصين وروسيا الذي بنت حوله إدارة ترمب الأولى إجماعاً حزبياً، وبدلاً من وصف نطاق وحجم التحدي الذي تشكله الصين لأمريكا وحلفائها، توضح استراتيجية الأمن القومي لعام 2025 أن الاقتصاد هو الرهان النهائي، والهدف الأسمى الجديد لسياسة واشنطن تجاه الصين هو علاقة اقتصادية مفيدة للطرفين مع بكين، كما تقول أستاذة العلوم السياسية في كلية جاكسون للشؤون العالمية بجامعة ييل، ريبيكا ليسنر.

لكن استراتيجية الأمن القومي الأمريكية سوف تطمئن الصين وتقلقها في آن، إذ تأتي الطمأنينة على شكل وعود بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى واحترام السيادة الوطنية، وكلاهما كانا موضوع نقاش دائم مع بكين وموسكو وطهران وبيونغ يانغ، وغيرهم ممن يكرهون المحاضرات الأمريكية حول الإصلاح الديمقراطي، بخاصة أن الاستراتيجية الجديدة تسلط الضوء على إخفاقات سياسات الإدارات الأمريكية السابقة تجاه الصين في سياق نقد لاذع، لكنه عادل إلى حد كبير، مستفيداً من إدراك الماضي، فقد قلب الرئيس ترمب بمفرده أكثر من ثلاثة عقود من الافتراضات الأمريكية الخاطئة بأن فتح الأسواق الأمريكية أمام الصين، وتشجيع الشركات الأمريكية على الاستثمار والتصنيع فيها، سوف يسهل انضمام الصين إلى النظام الدولي القائم على القواعد، وهو ما لم يحدث.

غير أن مصدر القلق هو أن بكين ستكون أقل تفاؤلاً في شأن الإعلان الصريح عن مبدأ مونرو الجديد، وما يقابله من دعوة صريحة للصين للخروج من أميركا اللاتينية، وستكره بكين النهج الأمريكي القوي للردع، وبخاصة في المحيط الهادئ.

الهيمنة على الأمريكيتين

على مدى العقدين الأخيرين، ومع صعود الصين إلى مرتبة منافس للولايات المتحدة، تصدرت آسيا قائمة أولويات استراتيجية الأمن القومي، لكن هذا العام، احتل نصف الكرة الغربي الصدارة، إذ تنص الاستراتيجية على أن الولايات المتحدة ستؤكد وتنفذ مبدأ مونرو للحفاظ على نصف الكرة الغربي خالياً من التوغل الأجنبي المعادي عبر تجنيد الشركاء الإقليميين لتطوير موارد استراتيجية بصورة مشتركة، وشراء السلع الأمريكية، والترحيب بالاستثمار الأمريكي الخاص، من خلال مزيج من شروط المساعدات، والضغط الدبلوماسي، والمكافآت الواسعة.

وبينما يرى بعض المتابعين هذا التعديل حكيماً بعد أعوام من الالتزام الأمريكي المفرط تجاه أجزاء نائية من العالم، يرى آخرون أن استراتيجية الأمن القومي تمثل تراجعاً انعزالياً وتضحية غير ضرورية بالنفوذ لصالح الصين وروسيا اللتين ازدادتا جرأة.

ومع ذلك، هناك مبرر قوي لزيادة الاهتمام بالأمريكيتين الآن وفي المستقبل، إذ تزعم إدارة ترمب أن الجريمة المنظمة في نصف الكرة الغربي تحصد أرواحاً في الولايات المتحدة أكثر من أي تهديد آخر للأمن القومي، وكشفت الأعوام الأخيرة عن عجز مقلق في السيطرة على حدود الولايات المتحدة الجنوبية، مما يزعزع استقرار السياسة الداخلية الأمريكية.

وبينما يتمتع نصف الكرة الغربي بثروات طبيعية في موقع جيد يمكنه من مساعدة الولايات المتحدة على تعزيز سلاسل التوريد الحيوية، تنافس الصين في هذا المجال من خلال توسيع نفوذها في التجارة والبنية التحتية الرقمية مع دول أمريكا اللاتينية، ولهذا أولت استراتيجية الأمن القومي هذه التحديات اهتماماً مستحقاً وقدمت رؤية مثيرة للجدل، موجهة نحو احتواء ثلاثة تهديدات هي الهجرة الجماعية والجريمة المنظمة والتوغل الأجنبي المعادي.

يتصدر قائمة التهديدات وقف الهجرة الجماعية التي لا تعرفها بأنها قانونية أو غير قانونية، إذ ترفع الاستراتيجية الجديدة من شأن الهجرة إلى مستوى مشكلة الأمن القومي المركزية، ويعلن النص بصراحة، أن عصر الهجرة الجماعية يجب أن ينتهي، وأن أمن الحدود هو العنصر الأساس للأمن القومي، ويصور الهجرة الجماعية كمحرك للجريمة والانهيار الاجتماعي والتشويه الاقتصادي، ويدعو إلى عالم تتعاون فيه الدول ذات السيادة لوقف تدفقات السكان المزعزعة للاستقرار بدلاً من تسهيلها، ولفرض رقابة صارمة على من تسمح لهم بالدخول.

يجعل هذا من مراقبة الحدود وإنفاذ قوانين الهجرة، العدسة المنظمة لسياسة الأمن القومي الأمريكية، وليس مجرد شاغل واحد من بين شواغل عدة، ولهذا عواقب وخيمة على وضع القوة العسكرية والدبلوماسية وتخصيص الموارد، لأنه إذا كان أمن الحدود أولوية قصوى، تفرض إعادة تنظيم وجود أمريكا العسكري بعيداً من مسارح العمليات التي تعتبر أقل مركزية، وتوجيهه نحو حالات الطوارئ في نصف الكرة الغربي، فإن المهام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا والشرق الأوسط تصبح تابعة للأولوية في الأمريكيتين، مما يعني أن هذه الاستراتيجية، تعيد ترتيب هرم التهديدات والأخطار حسبما يشير الباحث السياسي والعسكري ريك لاندغراف.

بعد ذلك، تدعو استراتيجية الأمن القومي إلى تحييد ما تصفهم بإرهابيي المخدرات والكارتلات باستخدام القوة المميتة والقدرات العسكرية الأمريكية، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين، من خلال تبني فهم عسكري بحت للجريمة المنظمة، يلمح إلى أن إنفاذ القانون التقليدي كان وسيظل غير فعال.

وعلى رغم أن القوة المميتة قد يكون لها بعض التأثير الرادع، فإن الجماعات الإجرامية هي في نهاية المطاف أشبه بشركات تجارية يدعم ويحرك نشاطها الطلب الأمريكي والعالمي على منتجاتها، وإمداداتها من المخدرات والذهب غير المشروع وطرق الهجرة، وبيئة أعمال مواتية بفضل الفساد المستشري، وهي أمور لا تذكرها استراتيجية الأمن القومي مطلقاً، ولهذا تثور شكوك بأن محاربة هذه الجماعات، كما لو كانت حركات تمرد، قد يثبت عدم فاعليتها، وفقاً للباحث في دراسات أمريكا اللاتينية بمجلس العلاقات الخارجية ويل فريمان.

لا قوة ملزمة

لا تتمتع استراتيجية الأمن القومي بأي قوة ملزمة، ولهذا قد يكون الحذر مطلوباً من المبالغة في تفسيرها كدليل على الإجراءات المستقبلية نظراً إلى طبيعة الرئيس ترمب المتقلبة، كذلك فإن إطلاق الاستراتيجية من دون مراسم رسمية في وقت متأخر من ليل الجمعة، من دون أن يصاحبه خطاب للرئيس أو مستشار الأمن القومي، يشير إلى أن البيت الأبيض قد ينظر إليها على أنها مجرد عملية للتحقق من الالتزامات، وليست بياناً ملزماً بالنيات الاستراتيجية.

(اندبندنت عربية)
 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI