شدّد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (المطالب بانفصال جنوب اليمن) وعضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُبيدي، الأربعاء، على أن تعزيز الأمن في المحافظات الجنوبية يمثل "منطلقًا أساسيًا" لأي عمليات عسكرية تستهدف مناطق سيطرة جماعة الحوثيين في الشمال، وذلك خلال لقائه محافظ البيضاء (وسط اليمن) الخضر السوادي في قصر المعاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن.
وقال الزُبيدي، خلال اللقاء، إن محافظة البيضاء تمثل "عمقًا استراتيجيًا للجنوب"، معتبرًا أن أوضاعها الإنسانية تزداد صعوبة نتيجة استمرار سيطرة الحوثيين.
وأشار رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي إلى أن تحرير المحافظة، الواقعة على تماس مباشر مع محافظات جنوبية، يشكّل خطوة محورية لـ"ضمان استقرار المنطقة وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم".
ورأى الزُبيدي أن الاستقرار الأمني الذي يقول إن الجنوب حققه خلال السنوات الماضية "ليس هدفًا نهائيًا"، وإنما يمثّل "شرطًا أساسيًا" لأي تحرك عسكري ضد الحوثيين في شمال اليمن، مضيفًا: "لا يمكن تحرير صنعاء بظهير مكشوف"، في إشارة إلى ضرورة تأمين المناطق الجنوبية ووقف ما سماه "شرايين التهريب" التي يتهم الحوثيين بالاعتماد عليها.
وجدّد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي دعمه للمقاومة المحلية في محافظة البيضاء، مؤكدًا "حق السكان في العيش بسلام وكرامة"، داعيًا إلى "توحيد الجهود وتعزيز صمود الأهالي".
كما دعا القوى السياسية والعسكرية المناهضة للحوثيين في الشمال إلى تعزيز التنسيق المشترك، مؤكّدًا استعداد قواته لتقديم "الدعم والإسناد" في أي عمليات مستقبلية.
وأشار الزُبيدي إلى أن الشراكة مع القوى الشمالية تنطلق من قاعدة واضحة تقوم على حماية "مكتسبات الجنوب واعتبار أمنه وسيادته خطاً أحمر غير قابل للمساومة"، مضيفاً أن "زمن المعارك الجانبية انتهى".
وفي سياق حديثه عن الدور الإقليمي، جدّد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي التزام المجلس بالتحالف العربي بقيادة السعودية، قائلًا إن الجنوب "سيواصل القيام بدوره في مواجهة النفوذ الإيراني في اليمن" وفي حماية خطوط الملاحة الدولية.
واختتم الزُبيدي اللقاء بالتأكيد أن "مرحلة المعارك الجانبية انتهت"، وأن التركيز يجب أن يتجه إلى العاصمة صنعاء "سلمًا أو حربًا". من جانبه، عبّر محافظ البيضاء الخضر السوادي عن تقديره لدعم الزُبيدي، وقال إن أبناء المحافظة "على استعداد" للمشاركة في أي تحرك عسكري يهدف إلى استعادة مؤسسات الدولة.
ميدانياً، أعلنت وسائل إعلام تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، أن قوات درع الوطن (قوات تابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسية ممولة من السعودية) سلمت اليوم الأربعاء، مطار الغيضة، إلى (القوات المسلحة الجنوبية)، بحضور السلطان عبدالله بن عيسى آل بن عفرار واللواء محسن مرصع قائد محور الغيضة.
وقالت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد" إن الانتقالي الجنوبي دفع بتعزيزات عسكرية جديدة إلى محافظة المهرة شرقي البلاد على الحدود مع سلطنة عمان، على الرغم من تأكيد الرياض دعوتها إلى التهدئة في المحافظات الشرقية لليمن".
وشملت التعزيزات العسكرية للانتقالي الجنوبي قوات من اللواء السادس التابع لتشكيل "ألوية الدعم والإسناد" المنتشرة في محافظة أبين جنوبي البلاد، وقوات أخرى من ألوية العمالقة التي يقودها العميد عبدالرحمن المحرمي عضو مجلس القيادة الرئاسي، ونائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي". في السياق، غادرت وحدات عسكرية من قوات درع الوطن مواقعها في جبهة الضالع وسط البلاد، وذلك ضمن عملية إعادة انتشار تشمل كل تشكيلات درع الوطن باتجاه محافظة حضرموت، شمال شرقي البلاد.
وفي سياق التحركات الدبلوماسية، أعلن مجلس النواب اليمني رفضه للإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية، مؤكدًا التزامه الثابت بالمرجعيات الدستورية والوطنية.
وقال مجلس النواب في بيان له، الأربعاء، إنه تابع ببالغ الاهتمام ما شهدته الأيام الماضية من تطورات مؤسفة، والتي أسفرت عن اتخاذ إجراءات أحادية وتحركات عسكرية في المحافظات الشرقية، وهو ما يُعد خروجًا عن إطار التوافق الوطني والمرجعيات التي تنظم العملية السياسية في البلاد".
وعبّر المجلس عن أسفه الشديد لهذه الإجراءات التي وصفها بالمخالفة الصريحة لكل المرجعيات المتوافق عليها، بما في ذلك اتفاق الرياض وبيان نقل السلطة، مشيرًا إلى تحريك قوات عسكرية إلى المحافظات الشرقية وفرض واقع جديد عبر إجراءات أحادية تخالف المبادئ الدستورية وتتناقض مع التوافق الوطني، متجاوزة الصلاحيات الحصرية لمجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس القائد الأعلى للقوات المسلحة".
وشدد مجلس النواب على ضرورة إلغاء هذه الإجراءات بشكل عاجل، محذرًا من أن استمرار هذه التحركات قد يؤدي إلى الانزلاق إلى مربع الخطر. وأكد أن الحل الأمثل يجب أن يكون عبر لغة الحوار والتفاهم، وليس عبر استخدام القوة والعنف".
وأكد المجلس أهمية توحيد جهود كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية في اتجاه واحد، يحقق الأمن والاستقرار، ويحفظ مقدرات الشعب اليمني، ويعزز وحدة البلاد وسيادتها الوطنية".
ودعا المجلس إلى معالجة أي خلافات سياسية أو عسكرية عبر الحوار ووسائل سلمية، وفي إطار المرجعيات المتوافق عليها، وما نص عليه بيان نقل السلطة".
وطالب مجلس النواب دول التحالف العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، بمواصلة دعم الشرعية الدستورية والوقوف إلى جانب الدولة اليمنية، والعمل على إلغاء أي ترتيبات أو إجراءات أحادية تم اتخاذها خارج إطار التوافق والاتفاقيات التي تم التوصل إليها".
كما دعا المجلس المجتمع الدولي والدول الراعية للعملية السياسية في اليمن إلى رفض هذه الإجراءات الأحادية، وتأكيد دعم الشرعية اليمنية، وعدم السماح لأي طرف بتعريض البلاد لمخاطر أكبر قد تزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية".
(العربي الجديد)