31 أكتوبر 2025
29 أكتوبر 2025
يمن فريدم-إرم نيوز-عبداللاه سُميح
رويترز


لجأت ميليشيا الحوثي إلى تصعيد أنشطتها الاستخبارية عبر تكثيف زرع خلاياها في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، في تحوّل تكتيكي يظهر رغبتها في تعويض إخفاقاتها الميدانية السابقة وتحقيق مكاسب محلية مؤثرة بأقل التكاليف الممكنة، وفق خبراء ومحللين.

وبموازاة النشاط الاستخباراتي المتزايد، شهدت المناطق الحكومية العديد من محاولات الاغتيال لقيادات عسكرية وأمنية، كانت آخرها عملية استهداف قائد اللواء 22 مشاة، العميد الركن عبده المخلافي، الاثنين الماضي، عبر كمين مسلّح نفذه مسلحون مجهولون بين محافظتي حضرموت ومأرب، ما أدى إلى إصابته ومقتل أحد مرافقيه.

جاء ذلك بعد أقل من أسبوع على إصابة قائد اللواء الخامس "حماية رئاسية" العميد عدنان زريق ومقتل اثنين من مرافقيه في تعز، إثر محاولة اغتيال جديدة بوساطة عبوة ناسفة زرعها مجهولون وفجّروها، بالتزامن مع قصف مدفعي شنته ميليشيا الحوثي على الموقع الذي وقع فيه الانفجار.

وتؤكد وزارة الداخلية اليمنية أن خلايا الحوثيين تنشط في جمع المعلومات الاستخباراتية وتجنيد المزيد من العناصر والتحضير لعمليات تخريبية، إلى جانب تهريب المخدرات والأموال والسلاح إلى مناطق سيطرة الميليشيا، شمالي البلاد، طبقا لوزارة الداخلية اليمنية.

وحذّر مركز "P.T.O.C Yemen" للأبحاث والدراسات المتخصصة، من توظيف الحوثيين لعدد من معتقلي تنظيمي "القاعدة" و"داعش" في السجون الخاضعة لسيطرتهم، بعد إعدادهم لوجستيا وفكريا، "وإطلاق سراحهم كأذرع أمنية ميدانية تابعة لأجهزتهم الاستخبارية، وفق مشروع مدعوم من الحرس الثوري الإيراني، يسعى إلى إعادة تدوير الإرهاب وتحويله إلى بنية هجينة من القوة السياسية والعسكرية، متصلة باستراتيجية طهران في المنطقة".

وأشارت الدراسة الصادرة الشهر الماضي، إلى نمط جديد من المخاطر الأمنية على مناطق الحكومة الشرعية، تفرضها مساعي الحوثيين "وما تحدثه من تشويش في خريطة التحالفات وإرباك لجهود مكافحة الإرهاب".

اختراقات انتقائية

ويرى محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، أن لجوء الحوثيين إلى تفعيل الأدوات غير التقليدية للحرب، عبر تكثيف العمل الاستخباري وتوسيع نشاط الخلايا النائمة في مناطق الحكومة، يهدف إلى "تحقيق مكاسب سياسية وأمنية بأقل التكاليف الممكنة".

وقال المجاهد لـ"إرم نيوز"، إن الجماعة تسعى إلى إرباك بنية الأمن المحلي في المناطق الحكومية، وإظهارها كمساحات رخوة بما يخدم دعايتها السياسية، ومن جهة أخرى تعمل على تحقيق اختراقات أمنية وانتقائية تستهدف القيادات العسكرية ورموز القوى المناهضة لها، في محاولة لإضعاف البنية القيادية لخصومها، وتجسيد ما عجزت عنه ميدانيا، إلى جانب رفع معنويات عناصرها بعد الخسائر الميدانية.

وأشار إلى أن تزايد هذه الأنشطة، مرتبط بمحاولات الحوثيين "تعويض الفراغ الاستخباري الذي خلّفه تراجع الدعم الإيراني المباشر في بعض المراحل، عبر بناء منظومات محلية بديلة تعتمد على التجنيد في الأوساط القبلية والتجارية، وحتى داخل المؤسسات الأمنية".

وبرأيه، فإن ذلك يندرج ضمن استراتيجية أوسع "تهدف إلى نقل الصراع إلى العمق الداخلي لمناطق الشرعية، بكلفة منخفضة وعلى نحو عالي التأثير، دون تحمّل أعباء الحرب المفتوحة".

من جهته، يقول خبير الشؤون الأمنية في الشرق الأوسط، محمد الباشا، إن تصاعد ضبط خلايا الحوثيين يعود لاحتمالين رئيسيين، إما بسبب زيادة كفاءة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في رصدها بالمناطق المستهدفة، أو لأن هذه الخلايا كثّفت من عملياتها ونشاطها في مناطق الحكومة.

وأشار الباشا لـ"إرم نيوز"، إلى أن أهداف الحوثيين تتجاوز شمال اليمن والبلد بأكمله، "فهي مشروع عابر للحدود ذو طموح عالمي، على غرار الثورة الإيرانية الخمينية، وبالتالي يؤمنون بأن حركتهم يجب أن تتمدد إلى بقية المناطق الشرقية والجنوبية".

وأكد أن استراتيجيتهم تبدأ بجمع المعلومات عبر الخلايا الاستخبارية، التي تقوم كذلك بتحديد نقاط الضعف في الدفاعات، "وهو ما يفسّر الاشتباكات المتفرقة في المناطق الحدودية بين الطرفين، التي تعد بمثابة جسّ نبض واستكشاف للوضع الميداني والتكتيكي، خصوصا في المناطق الجنوبية".

مكاسب حكومية

وخلال العام الجاري، تمكّنت الأجهزة الأمنية لدى الحكومة والقوات العسكرية الموالية لها، في مختلف المحافظات المحررة، من ضبط وتفكيك أكثر من 15 خلية مرتبطة بشكل مباشر وغير مباشر بميليشيا الحوثي، بينها عناصر من "حزب الله" اللبناني بالإضافة إلى سوريين وإيرانيين، مرتبطين بشبكات تهريب المخدرات، وفقا لوزارة الداخلية.

واعتبر المحلل العسكري، العقيد محسن الخضر، هذه النجاحات مكسبا للقوات الحكومية، يمكّنها من تكوين فهم أعمق لاستراتيجية الجماعة القتالية وحاجتها الاستخباراتية، فضلا عن تحييدها للمخاطر المترتبة على وجود مثل هذه الخلايا على الاستقرار الأمني.

وشدد الخضر في حديثه لـ"إرم نيوز"، على أهمية تعجيل عرض المضبوطين على الجهات القانونية، لإنزال أشدّ العقوبات الرادعة بهم ليكونوا عبرة لغيرهم، وذلك من أجل سدّ الطريق أمام أي محاولات جديدة للتجنيد، وتعزيز مناعة المجتمع لمنع حدوث اختراقات أخرى.

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI