منذ ايام والأخبار تتكرر عن توجيه الجماعة الحوثية مسيراتها وصواريخها شمالاً. بين الانكار والتأكيد وصولا إلى تصوير بقايا حطام صواريخ صدت قبل ان تدخل الاراضي المحتلة.
الحديث عن هذا الانخراط سيكون على ثلاثة مستويات.
الأثر العسكري، المعنى السياسي، التأثير الداخلي.
حول الأثر العسكري اراد الحوثين تأكيد وصولهم إلى مديات أبعد مما وصلت إليه صواريخهم ومسيراتهم في السابق.
مشروعهم العسكري يتقدم، ويؤكدون أنهم خطر إضافي معنويًا على إسرائيل.
لكن سلاحهم لا يحدث فارقا جوهرياً سيما والدفاع الإسرائيلي قادر على التعامل بيسر مع هذه المقذوفات أو المسيرات التي لا تحمل قدرة تفجير كبيرة ويمكن التنبؤ بها باكرا والتعامل معها.
أثبتت صواريخ الحوثي أن دفاع إسرائيل أفضل من دفاع السعودية التي تعرضت لضرر كبير من الأجسام القادمة من الخارج أكانت حوثية أم غيرها، بمعنى آخر كشفت هذه الصواريخ هشاشة السعودية وعززت فكرة القوة الدفاعية الإسرائيلية.
طبيعة هذا الخطر يحدد الرد، ولا أظن أن إسرائيل أو أمريكا ستردان عل الحوثي عسكريًا، لكنهما سيستغلان الحادثة لمزيد من التحشيد للقضاء على غزة.
سياسيا وهذا الأهم بلوغ صواريخ حوثية هذا المدى والمسارعة إلى القصف يعني استحقاقات جديدة وتأكيد موقعهم في خارطة الأطراف الإقليمية، وارتفاع بورصتهم ضمن تحالفهم الاقليمي لمدار إيران.
لقد فعل الحوثي ما لم يفعله حزب الله وبهذا سيكون مرشحًا لحمل الثقل الإقليمي لأذرع إيران في المنطقة.
خرج الحوثي من عزلته العربية إلى نطاق عربي وإسلامي أكبر رافض للتصفية الأثنية في غزة.
تقدم خطوة اضافية -بعد الخطاب التعبوي الإيراني -على كل الأنظمة المعتدلة.
أضاف الحوثي رصيدًا جديدًا عمليًا لإيران وتحرك بالنيابة عنها.
كسب شعبية عربية وإسلامية جديدة تتيح له تجاوز أفعاله الطائفية.
لقد اقتنص اللحظة التي تمور فيا مشاعر المسلمين والعرب وتجعلهم يجتازون التناقضات المذهبية وجرائم محور إيران اقليميا.
غياب الأثر العسكري مع زيادة المكسب السياسي ينسجم والطابع الشعبوي لهذه الجماعة ومحورها.
تكسب بأقل التكاليف او تكسب لمجرد أن الآخرين لم يدخلوا السابق بالأصل.
ينطر الحوثي للمكاسب المادية وراء كل حركة وقد سارع إلى الدعوة للتبرع وامتصاص آخر ما تبقى من أموال في جيوب اليمنين لتعزيز قدرته العسكرية.
هذه النقاط لا يفهمنها العرب ولا المسلمون عامة وللأسف سيختزلون اليمن وموقفه التاريخيّ والمبدئي من القضية الفلسطينية في فعل حوثي بلا إثر.
لكن هناك أبعاد أكثر عمقا لما فعله الحوثي.
جر اليمن في معركة أوسع غير متكافئة هي معركة إيران التي لم تفعل شيئا إلى الآن وستخرج بريئة في نظر القانون الدولي من افعال كل اطرافها الاقليمية.
يدفع إلى عسكرة أكبر للبحر الأحمر وتثبيت استحقاق إسرائيل في الشأن الأمني لهذا البحيرة العربية.
تعرف السعودية هشاشتها أمام جنون الهوبي وستسارع إلى إبرام صفقة سلام معه على حساب الشرعية.
قد يبدو المستهدف هو إسرائيل لكن كل حركة يفعلها الحوثي تُنطر يمنيا على انها ضمن منطقه الابتزازي للسعودية وخطوة لمحو الشرعية سياسياً.
سيكون اسوأ ما يحدث هو أن ترد إسرائيل عسكريا على اليمن. بل يحب إلا يحدث وألا ترد أمريكا بأي فعل عسكري.
هناك خطوات سياسية يكمن فعلها تضع ما يصنعه الحوثي على هامش ما يدور وتعطيه موقعه الطبيعي.
(من حساب الكاتب عبر منصة إكس)