صعّدت الجماعة الحوثية المتحالفة مع إيران حملتها ضد العاملين في المنظمات الدولية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، باقتحام منزل موظف في برنامج الغذاء العالمي واعتقاله مع اثنين من زملائه، في أحدث الانتهاكات المتواصلة التي تستهدف كوادر الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية في مناطق سيطرتها.
وأفادت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات"، في بيان، بأن مسلحي الحوثي داهموا منزل الموظف الأممي إبراهيم الخطيب واقتادوه مع زملائه إلى جهة مجهولة دون أي مسوغ قانوني.
وعدّت الشبكة الحقوقية ما جرى "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولحصانة العاملين في المجال الإنساني"، وأضافت أن هذه الحادثة تأتي ضمن "حملة متصاعدة من الترهيب والاعتقالات" تستهدف العاملين المحليين والدوليين على حد سواء.
جاء ذلك في وقت دعا فيه وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، الأمم المتحدة، إلى إجلاء الموظفين الأمميين المحليين من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أسوة بالموظفين من جنسيات دولية.
وجاءت دعوة الوزير في معرض ترحيبه بخطوة الأمم المتحدة المتمثلة في إجلاء جميع موظفيها الدوليين الأجانب من العاصمة المختطفة صنعاء، معتبراً أن القرار، رغم تأخره، يمثل "اعترافاً صريحاً بعدم إمكانية استمرار عمل المنظمات في ظل بيئة عدائية تمارس فيها الميليشيا أبشع صنوف الترهيب والابتزاز".
وقال الإرياني، في تصريح رسمي، إن عشرات الموظفين المحليين في مكاتب ووكالات الأمم المتحدة يعيشون تحت رقابة صارمة تفرضها الميليشيا، حيث أُجبروا على توقيع تعهدات بعدم مغادرة مناطق سيطرتها أو التواصل مع زملائهم خارجها.
وأشار إلى أن بعضهم يعيش فعلياً في حالة إقامة جبرية داخل منازلهم، بينما لا يزال العشرات رهن الاعتقال التعسفي منذ فترات متفاوتة، في خرق واضح للقانون الدولي واتفاقية فيينا الخاصة بحماية الموظفين الأمميين.
ودعا الوزير اليمني الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم القانونية والأخلاقية، وممارسة ضغوط حقيقية على الحوثيين لضمان الإفراج الفوري عن جميع المختطفين من موظفيها ووكالاتها الإغاثية، وتمكين الراغبين منهم من مغادرة مناطق سيطرة الميليشيا بأمان، مؤكداً ضرورة أن "تتخذ الأمم المتحدة موقفاً حازماً إزاء هذه الانتهاكات وألا تسمح باستخدام العمل الإنساني كوسيلة ابتزاز سياسي أو مصدر تمويل غير مشروع".
إدانة حكومية
كانت الحكومة اليمنية عبرت عن استهجانها للحملة التحريضية التي تشنها قيادات الحوثيين ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، وما تتضمنه من اتهامات باطلة تهدف إلى تبرير جرائمها ضد العاملين الإنسانيين.
وأكدت دعمها الكامل للموظفين الأمميين الذين يعملون «بتفانٍ ونزاهةٍ لخدمة الشعب اليمني»، مشيدةً بدورهم في تخفيف المعاناة الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا.
وحملت الحكومة الجماعة الحوثية المسؤولية الكاملة عن سلامة جميع العاملين في المنظمات الدولية، محذّرةً من أن استمرار هذه الانتهاكات يشكّل تهديداً مباشراً لعمل الوكالات الإنسانية في اليمن، ويقوّض الجهود الدولية الهادفة إلى معالجة الأزمة الإنسانية التي تسببت بها الحرب.
تأتي هذه التطورات في ظل ازدياد المخاوف من تفاقم المخاطر التي تواجه موظفي الأمم المتحدة في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد سلسلة من الاعتقالات التي بدأت منذ عام 2021 وطالت عاملين في منظمات أممية عدة، بينها اليونيسف واليونيسكو ومكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان وبرنامج الغذاء العالمي.
ويعكس قرار الأمم المتحدة إجلاء موظفيها الأجانب من صنعاء حجم التدهور الأمني والقيود التي باتت تعيق العمل الإنساني في اليمن، في حين لا يزال 53 موظفاً محلياً في سجون الجماعة بمزاعم أنهم يقومون بالتجسس لمصلحة أمريكا وإسرائيل، وهي التهم التي نفتها المنظمة الدولية بشكل قاطع.