1 يناير 2026
31 ديسمبر 2025
يمن فريدم-فارس الجلال
في مدينة عدن، 30 نوفمبر 2025 (صالح العبيدي/فرانس برس)


تسود حالة من القلق والترقب في الأوساط الشعبية جنوبي اليمن، وتحديداً في العاصمة المؤقتة عدن، على خلفية تداعيات الأوضاع العسكرية والسياسية التي شهدتها البلاد خلال الساعات القليلة الماضية، وانعكاساتها المرتقبة سواء على حياة المدنيين وأمنهم واستقرارهم.

وعلى الرغم من إعلان وزارة الدفاع الإماراتية مساء أمس سحب ما تبقّى من فرق مكافحة الإرهاب في اليمن "بمحض إرادتها، في إطار تقييم شامل لمتطلبات المرحلة"، مؤكدة أن وحدات مكافحة الإرهاب كانت القوات الوحيدة المتبقية لها منذ الانسحاب من اليمن عام 2019، وهو ما يُعدّ احتواء علنياً للمواجهة مع السعودية، إلّا أن المخاوف تتركز على المرحلة التالية، ولا سيّما أن الانقسام داخل معسكر الشرعية اليمنية قد بلغ أوجه من خلال انقسام مجلس القيادة الرئاسي، بعد ما أعلنه رئيس المجلس رشاد العليمي صباح أمس من قرارات بفرض حالة طوارئ ومطالبة أبوظبي بسحب قواتها، وما تلاه من بيان رافض لإجراءاته من أربعة أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي، أي نصف عدد الأعضاء، وهم عيدروس الزبيدي، وأبو زرعة المحرمي، وفرج البحسني، وطارق صالح.

ودان هؤلاء ما قالوا إنها "إجراءات وقرارات انفرادية" اتخذها العليمي، معتبرين أن هذه القرارات "مخالفة صريحة لإعلان نقل السلطة، الذي نصّ بوضوح على أن مجلس القيادة الرئاسي هيئة جماعية، تُتخذ قراراتها بالتوافق، أو بالأغلبية عند تعذر التوافق"، فيما تولى مسؤولون في المجلس الانتقالي مهاجمة العليمي والحديث عن أنه فاقد للشرعية.

سيناريوهات مفتوحة

وتسود مخاوف من أن تكون المحافظات الجنوبية والشرقية على موعد مع اشتباكات محتدمة لحسم السيطرة، وهو ما سيدفع المدنيون ثمنه. وبالنسبة إلى كثيرين في الجنوب، فإن ما وصلت إليه الأوضاع كان يمكن تفاديه من خلال عدم قطع المجلس الانتقالي الجنوبي قنوات الاتصال مع السعودية، اللاعب الأهم والأكثر تأثيراً في التحالف العربي الذي انفرط عملياً، خصوصاً أن السيناريوهات في الأيام المقبلة مفتوحة على كل الاحتمالات، وباتت المكتسبات التي تحققت للقضية الجنوبية والجنوبيين من خلال شراكتهم في السلطة طيلة نحو عقد مهدّدة على نحو غير مسبوق بفعل تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي ورفضه التجاوب مع دعوات التهدئة.

وبالفعل كانت أصوات مقربة من المجلس الانتقالي الجنوبي دعت في الأيام الماضية رئيس المجلس إلى زيارة الرياض وتقديم التطمينات لها، بعد ما شاب العلاقة من توترات، وهو ما لم يحدث.

وقال الموظف محمد نصر لـ"العربي الجديد": "نعيش حالة صعبة، نتذكر فيها أنا وعائلتي إمكانية تكرار ما حدث في حرب الحوثيين ـ (علي عبد الله) صالح على عدن، لأن الأوضاع والظروف عادت من جديد، ونحن غير مستعدين لخسارة أخرى، بعد أن خسرنا أحد أبنائنا في الحرب الأولى، لذلك أتمنى أن تُحل هذه الأزمة سريعاً ونخرج منها سالمين، وأن يصلوا إلى اتفاق لتجنيب البلاد تكرار المآسي".

مخاوف من تدهور اقتصادي في عدن

ومع أن الأوضاع العسكرية والأمنية المتصاعدة تتركز على المحافظات الشرقية، المتمثلة في حضرموت والمهرة، ولا بوادر لنقلها إلى عدن أو المحافظات المجاورة لها، فإنّ القلق كبير من استمرار الصراع فيها، إذ قد ينتقل ويؤثر على الوضع الاقتصادي في عدن، مما ينعكس على حياة الناس المعيشية، وتتدهور معها الأوضاع الاقتصادية، مثل انهيار العملة وارتفاع الأسعار، خصوصاً مع فرض الحظر البري والبحري والجوي في كل مناطق اليمن لمدة 72 ساعة ومخاوف من تمديده إذا ما احتدمت الأوضاع الميدانية في الأيام المقبلة.

وقال الأستاذ الجامعي محمد باعبيد لـ"العربي الجديد" إنه "على الرغم من أن الوضع في عدن مستتب حتى الآن، وتمضي الأمور على نحوٍ طبيعي، ولا توجد انعكاسات واضحة على الوضع، إلّا أنّ الناس تتخوف ليس من الحرب فحسب، بل من الجانب الاقتصادي، ولا سيّما أن الناس حالتها المادية صعبة في ظل انقطاع الرواتب، وقلة فرص العمل، وحتى ضعف الرواتب، وتوقف المنافذ البرية والبحرية".

ويضيف أن "الأطراف السياسية، لو كانت تفكر بوضع الناس وحالتهم، ما كانت سمحت بوصول الأوضاع إلى هذه المرحلة، وما يحصل هو انعكاس لإخفاق النخبة السياسية في إدارة البلد وإخراجه من تأثير الصراعات الخارجية، فلا الانتقالي الجنوبي أعطانا دولة الجنوب، ولا الشرعية أنهت انقلاب الحوثيين".

وعلى الرغم من ذلك، فإنّ هناك مواطنين يرون عكس ما يذهب إليه البعض من مخاوف من انعكاسات سلبية على ما تحقق للجنوبيين من مكتسبات. وتقول الناشطة المجتمعية إلهام إبراهيم لـ"العربي الجديد"، إنّ "الجنوبيين اليوم أمام مرحلة مهمة وخطرة، وهي لن تكون أسوأ مما حدث في حرب 1994 أو حرب 2015، ومن الطبيعي وجود مخاوف لدى الجنوبيين في عدن من التراجع أمام هذه الهجمة وعدم مقدرة الجنوبيين على مواجهتها، وتكرار ذلك لمرات أخرى.

وأضافت "مع ذلك، سنواصل دعم الانتقالي والوقوف خلفه حتى نحقق هدفنا باستعادة دولتنا الجنوبية، وتجاوز كل الظروف التي نعيشها اليوم"، على حدّ وصفها.

(العربي الجديد)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI