وصول السلاح الروسي إلى اليمن وفتح الكلية الحربية.
بعد وصول الأسلحة الروسية إلى اليمن ووصول البعثة العسكرية السوفياتية بدأ البدر يدرس الموقف مع مستشاريه عن الطريقة والأساليب التي يمكن إشغال هذه البعثة العسكرية الروسية، دون أن تتأثر سياسة الحكومة الخارجية.
وتوصل البدر مع مستشاريه إلى حل وهو جمع كل الضباط من خريجي بغداد وخريجي القاهرة، وكل الضباط والشباب القادرين على الدراسة في مدرسة واحدة وسميت مدرسة الأسلحة.
يقول جزيلان: "بدأنا ندرس من جديد ونحاول أن نساعد المترجمين في بعض الاصطلاحات العسكرية الصعبة، واستفدنا كثيرنا من مقابلتنا اليومية بالضباط الذين اشتركوا في ثورة عام 1948، وزاد حبي وايماني بالعمل الوطني خصوصاً عندما لاحظت حب هؤلاء الضباط لبعضهم البعض، وأحسست أن هناك شيئاً في قلوبهم وعقولهم يبحتون عنه أو ينتظرونه".
لقد عانى هؤلاء الضباط أنواع العذاب سجنوا، وعذبوا وقيدوا بالسلاسل وشقوا الطرقات وكل الأعمال الشاقة قاموا بها ولا يزالون في عذاب وإهمال، فقد استمروا برتب عسكرية من 1948 إلى 1962 ولم يرق واحد منهم ومع ذلك لم يزدهم هذا إلا إيمان وقوة وعزيمة.
يضيف جزيلان: "وأثناء الدراسة بدأ عمل الدس والوقيعة بيننا نحن الضباط المتخرجين من القاهرة وبين كبار الضباط القدماء من خريجي بغداد وغيرهم. وأعتقد أن البدر كان وراء هذه الوقيعة فهو يحب الاختلافات والوقيعة".
وتحرك أعوان الحسن عم البدر ليعمقوا هذا الخلاف، فهذه فرصتهم لإفساد كل عمل يخدم البلاد أو ينسب إلى البدر، وزادت حدة الاحتكاك بيننا لدرجة وصل إلى شبه عداء وانتشر الخبر بين الناس.
"وجلسنا مع العقيد حمود الجائفي مدير مدرسة الأسلحة وتناقشنا فيما يحدث ومن وراء هذا العمل؟ "
يقول جزيلان قلت للعقيد الجائفي: " لقد جئنا من القاهرة وكنا نتصور أننا سنجد أيدي ممدودة وقلوباً مفتوحة نعمل معاً لتخليص البلاد من هذا الكابوس البغيض. ولكني أشك أن وراء هذا العمل يداً خفية تحاول أتصعد الموقف وتزيده التهاباً وتظهرنا جميعاً أمام الشعب بمظهر الرجال الذين لا يأتي الخير على أيديهم، وهذا الخلاف تستفيد منه السلطة".
يضيف جزيلان: ورد الجائفي: "يا أخ عبدالله سأحول بكل جهدي أن أطفئ هذا النار، وفعلاً بذل مجهود كبير حتى انتهت تلك العملية المفتعلة واستمر الجميع في العمل حتى وصلتنا أخبار من الحديدة تفيد بوصول بعثة عسكرية مصرية. ففرحنا جداً بهذا الخبر. ولكن الإمام أحمد عندما سمع بوصول البعثة العسكرية المصرية الى الحديدة انزعج كثيراً وأحس أن العملية أصبحت جادة وأن الأمور تسير لا كما كان يتصورها من مظاهر خادعة هنا وهناك وتعود الحياة الى مجاريها".
فطلب من ابنه البدر أن يتصرف، ويحل له هذا الموقف الصعب والخطير، وأصبح البدر نفسه في حيرة، وكما ذكر العقيد حمود الجائفي بأن البدر أخبره بان الأمام غاضب على البدر ومنزعج من وصول البعثة العسكرية المصرية ولا يريدها في الحديدة ولا في صنعاء.
وطلب من العقيد الجائفي أن يجهز لهذه البعثة مكاناً للعمل بمنطقة الزيدية والتي تبعد عن الحديدة عدة كيلوا مترات كما يرسل مجموعة من الجنود الى هناك لتقوم البعثة العسكرية بتدريبهم.
وفعلاً تحرك الجائفي إلى الزيدية واختار جنود سبق أن تدربوا على بعض الأسلحة الخفيفة وله معرفة خاصة بهم.
يقول جزيلان: "انزعج الضباط لهذا التصرف الغريب، واعتبروا وجود البعثة العسكرية في منطقة الزيدية بمثابة منفى، فالزيدية عبارة عن مجموعة عشش وبيوت قديمة، ولكن البعثة المصرية صمدت في تلك البقعة الشبه مهجورة وعملت بجد ولم تنزعج أو تشكو الحالة، التي كان الإمام وابنه ينتظرانها بفارغ الصبر، وهذا الموقف من جانب البعثة العسكرية أحرج الإمام وابنه، ويظهر أن القاهرة اتصلت بالإمام وابنه وبعد مرور فترة كبيرة، وصلت البعثة العسكرية المصرية إلى صنعاء".
كان لوصول البعثة المصرية إلى صنعاء أثرا عظيما في نفوس الضباط، واعتبروا وجودها تقوية وسند لهم، متذكرين ما قامت به بعثة العراق العسكرية وما قدمت من مساعدات لخريجي بغداد، وما قامت به من توعية وطنية ساعدة عند قيام ثورة 1948.
أما عن فتح الكلية الحربية بصنعاء يقول جزيلان : "وصل العقيد حمود الجائفي إلى صنعاء بعد وصول البعثة المصرية وكان وراء إقناع البدر بفتح الكلية الحربية، فقد اجتمع بنا الجائفي وتكلمنا عن المصاعب التي قابلة البعثة العسكرية وأخبرني بأنه سيكون معنا في صنعاء لفتح الكلية الحربية، وفتحت الكلية الحربية إلى جانب مدرسة الأسلحة وبدأت الدراسة، كان العقيد الجائفي مديرا لها ومدير لمدرسة الأسلحة والعقيد محمد صالح العلفي مساعداً له، وجزيلان أركان حرب الذي يقول: لاحظت على الجميع الجد والاهتمام الكبير وشعرت أننا فعلاً نعد لثورة حقيقية تغير كل شيء في اليمن".