تعز ليست مجرد مدينة جغرافية؛ إنها بوابة الجنوب والشمال، قلب اليمن الثقافي والحضاري، ومركز المقاومة والتضحية. على مر العقود، من يسيطر على تعز يتحكم بمسار الأحداث اليمنية، ويحدد اتجاه الحرب والسلام. إنها مفتاح استعادة الدولة اليمنية العادلة، ولا يمكن العكس إلا إذا بقيت مهمشة لبعض الوقت، لتنهض من جديد.
تعز في قلب المعركة المصيرية
منذ ليلة أمس، تواجه تعز عدوانًا غاشمًا يُراد منه إسقاطها بصلف وحقد حوثي لا نظير له. تقف تعز في معركة مصيرية تحدد مستقبل اليمن. فهي إما أن تصبح رمزًا ومفتاحًا لاستعادة الجمهورية وحلم الدولة العادلة، أو تتحول بتضحياتها إلى شاهد حي على مشاريع التخلف الحوثي بعمامة خمينية. هذه المعركة ليست جغرافية فحسب، بل وجودية، تحمل معها مصير الأجيال القادمة.
أهمية تعز كجبهة استراتيجية
تعز ليست مجرد مدينة تواجه المعركة بمفردها؛ إنها المفتاح الذي يحدد مصير اليمن بأسره. ففي يدها تُفتح أبواب التحرير لصنعاء وكل المدن المحتلة من قبل أتباع إيران الحوثيين. وإذا لم تُدعم، فستظل تناضل، لكن الحوثيين قد يجدون الطريق مفتوحًا للتقدم نحو عدن وغيرها من المدن المحررة. وما بين هذا وذاك، تقف السلطة الشرعية أمام مسؤولية تاريخية: إما أن تنهض لدعم تعز وفتح الجبهات المساندة، أو تتحمل تبعات التقاعس الذي سيؤدي إلى انهيار مشروع استعادة الدولة.
التقاعس الدولي والمحلي
تحدثنا كثيرًا عن السلام والوساطات وخارطة الطريق، لكن الواضح أن هذه المبادرات كانت مجرد تخدير مؤقت. الحوثيون، باسم دعم غزة، حشدوا ودرّبوا أتباعهم، ويترجمون كل عدوان أمريكي أو صهيوني عليهم بالرد على تعز الحالمة بالدولة المدنية الحديثة.
وبينما ينتظر التعزيون زيارة الرئيس كفاتحة لتحريرها وشرارة لتحرير صنعاء، نجد أن السلطة الشرعية والتحالف العربي والمجتمع الدولي لا يزالون بعيدين عن دعم تعز كما يجب:
الشرعية: تتحمل مسؤولية كبرى؛ فالتقاعس عن دعم تعز يفتح الطريق أمام الحوثيين للتوسع، وربما الوصول إلى عدن.
التحالف العربي: دعم تعز هو مفتاح استقرار اليمن بأسره ودول الجوار. كيف يمكن للتحالف أن يتغاضى عن أهمية دعم تعز؟ كيف دعمت تركيا جارتها سوريا في مواجهة تحدياتها؟ لم يكن التردد خيارًا هناك، فهل ستظل المملكة والدول الأخرى صامتة بينما تتقدم الحوثية إلى كل اليمن إذا لم تساند تعز في معركتها؟
المجتمع الدولي: يتبنى مواقف رمادية تبقي الوضع في حالة استنزاف مستمر، بدلًا من دعم تحرير حاسم.
الحوثيون واستغلال الوضع
الحوثيون يُظهرون مهارة في استغلال التردد الدولي والتخاذل المحلي. استمرار الضغط الحوثي على تعز دون تحريك الجبهات بالتزامن سيجعلها نقطة انطلاق نحو عدن وربما الهيمنة الكاملة على اليمن. سيعملون على تثبيت مشروعهم الإمامي بعمامة خمينية، ما يعني إخضاع اليمن لمشروع طويل الأمد.
الدعوة للتحرير الشامل
إذا أرادت الشرعية الحفاظ على بقائها ومشروع الجمهورية، فعليها:
تحريك كل الجبهات في وقت واحد لإرباك الحوثيين.
الضغط على القوى الدولية لدعم تحرير حقيقي وشامل.
توحيد الصفوف الداخلية وإنهاء الانقسامات بين القوى السياسية والعسكرية الداعمة للشرعية.
ختامًا
تعز ليست مجرد جبهة في الحرب اليمنية، بل رمز للصمود ومفتاح لمستقبل اليمن. إما أن تتحمل الشرعية والمجتمع الدولي مسؤوليتهما لدعم تحريرها، أو تتحول اليمن بأكملها إلى ساحة نفوذ إيرانية خاضعة لمشروع خميني طويل الأمد.
كل يوم يمر دون دعم تعز يجعل الحوثيين أقرب إلى عدن وأبعد عن صنعاء. انتصار تعز يعني انتصار الجمهورية والمشروع الديمقراطي، أما تركها تواجه مصيرها وحدها فهو إعلان ضمني لشرعنة مشروع الحوثيين وتثبيت الملكية تحت عمامة خمينية.
(من حساب الكاتب في فيس بوك)