7 يونيو 2025
6 يونيو 2025
يمن فريدم-محمد الخطيب
تصوير-عبدالرزاق الجمل


بينما يتجسد عيد الأضحى في العالم العربي كموعدٍ سنوي للفرح ولقاء الأهل وإحياء سنة الأضاحي، يبدو المشهد مختلفاً في اليمن، حيث تحوّل العيد إلى عبء اقتصادي ثقيل على كاهل ملايين المواطنين.

ففي بلدٍ يرزح تحت وطأة الحرب والانهيار الاقتصادي منذ سنوات، بات شراء الأضحية ترفاً بعيد المنال، إذ تجاوز سعر بعضها ما يعادل دخل عامٍ كامل للموظف.

شهدت أسواق المواشي في مختلف المحافظات اليمنية– سواء في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً أو تلك الخاضعة لسيطرة الحوثيين– ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار الأضاحي مع اقتراب العيد. ففي مدينة تعز مثلاً، تراوحت أسعار الماعز بين 300 و700 ألف ريال يمني (نحو 125 - 250 دولاراً)، بينما بلغ سعر رأس البقر في بعض الحالات ستة ملايين ريال يمني (ما يعادل 2400 دولار).

العملة المنهارة والخدمات الغائبة

يأتي هذا الارتفاع الجنوني بالتوازي مع انهيار العملة اليمنية وتدهور الخدمات الأساس. في عدن، العاصمة الموقتة، يواجه السكان انقطاعات حادة في الكهرباء وسط موجات حر خانقة، فيما تشهد مدينة تعز أزمة مياه خانقة دفعت السكان للاصطفاف في طوابير طويلة بحثاً عن شربة ماء.

ويعكس سعر صرف الدولار التباين بين مناطق النفوذ، إذ بلغ في تعز نحو 2540 ريالاً للدولار، في حين استقر عند 537 ريالاً في صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

ترفٌ لا يملكه الجميع

أضحى شراء الأضحية حلماً بعيد المنال لكثير من اليمنيين، بخاصة أولئك الذين يعتمدون على رواتب حكومية لم تُصرف منذ شهور أو لا تتجاوز بضع عشرات آلاف الريالات شهرياً.

يقول باسم السامعي، موظف حكومي، إن الأضحية "أمر منسي منذ أكثر من عشر سنوات"، مشيراً إلى أن راتبه البالغ 90 ألف ريال (نحو 40 دولاراً) لا يكفي حتى لتأمين أبسط مستلزمات الحياة اليومية. أما المواطن عامر سعيد، فيروي كيف تمكن بشق الأنفس من توفير كسوة لبناته، معتبراً أن "إدخال الفرحة في قلوب أطفاله هو العيد الحقيقي".

من سوق المواشي في تعز.. أسعار تتصاعد والطلب يتراجع

في جولة لـ"اندبندنت عربية" على سوقي "الأحد" و"المرباع" لبيع المواشي في تعز، أكد عدد من البائعين أن أسعار الأضاحي ارتفعت هذا العام بنحو الضعف، وسط تراجع ملحوظ في الإقبال.

يقول مجيب محمد نعمان، أحد تجار المواشي، إن الماعز المستورد الذي كان يباع العام الماضي بـ200 ألف ريال (80 دولاراً) تجاوز هذا العام 430 ألف ريال (175 دولاراً). أما "الجدي البلدي" فقد وصل إلى 800 ألف ريال (330 دولاراً)، وهو رقم يصعب على المواطن العادي تحمله.

ويضيف أن أصغر أضحية يبلغ وزنها نحو 8 كيلوغرامات، بات سعرها اليوم لا يقل عن 300 ألف ريال (122 دولاراً)، وهو ما يصفه كثير من المواطنين بـ"الظلم الاجتماعي".

"جريمة في حق الفقراء"

المواطن محمد علي الجبري يصف ما يجري في السوق بـ"الجريمة"، متسائلاً: "كيف لموظف يتقاضى 100 ألف ريال (40 دولاراً) أن يشتري أضحية يزيد سعرها على مليون ريال؟ هل يضحي أم يدفع الإيجار أم يطعم أبناءه؟".

في ظل هذه الأوضاع، لجأت كثير من الأسر الفقيرة إلى ذبح الدجاج بدلاً من الأضاحي، بينما اكتفى البعض الآخر بشراء كميات قليلة من اللحم "بالكيلو" للاحتفال، بما يتوافر.

ويشير محمد المقرمي، مدير مركز الإعلام الإنساني في اليمن، إلى أن انقطاع الرواتب، وانخفاض قيمة العملة، وغياب المساعدات الإنسانية، كلّها عوامل حرمت ملايين اليمنيين من شعيرة الأضحية، وجعلت من العيد موسماً "معلقاً" مؤجلاً حتى إشعار آخر.

ويضيف أن "العيد في اليمن لم يعد كما كان، بل صار موسماً للدموع والحنين، تتصدره ذكريات الفرح، وسط مشهد يومي من المعاناة".

(اندبندنت عربية)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI