خلص مرصد لمراقبة الأمن الغذائي يوم الخميس إلى أن الحرب في السودان تسببت في مجاعة في مخيم للنازحين في ولاية شمال دارفور وأن ظروفا مماثلة ربما تعاني منها أماكن أخرى بالمنطقة.
تأتي هذه النتائج في غمرة أزمة جوع متفاقمة في أنحاء من السودان بسبب الحرب التي اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل نيسان 2023.
ما المجاعة ومن يؤكدها؟
يتم تقييم المجاعة بناء على التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة تضم أكثر من 12 وكالة تابعة للأمم المتحدة وهيئات إقليمية وجماعات إغاثة.
والتصنيف هو النظام العالمي الرئيسي لقياس مدى شدة الأزمات الغذائية. وأقصى تحذيراته هو المرحلة الخامسة التي تتألف من مستويين: الكارثة والمجاعة.
والشروط اللازمة لإعلان حالة المجاعة في منطقة ما تتمثل في أن يكون 20 بالمئة على الأقل من السكان يعانون من نقص حاد في الغذاء، وأن يعاني 30 بالمئة من الأطفال من سوء التغذية الحاد وأن يؤدي الجوع أو سوء التغذية والمرض إلى وفاة شخصين من كل 10 آلاف يوميا.
وإذا توصلت مبادرة التصنيف أو أحد شركائها إلى أن منطقة واحدة على الأقل تعاني من مجاعة، يتم تنشيط لجنة مراجعة المجاعة التي يقودها ما يصل إلى ستة خبراء.
ومنذ بدء العمل بنظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أُعلنت المجاعة في أجزاء من الصومال عام 2011 وفي مناطق بجنوب السودان عام 2017.
ماذا يعني تصنيف المجاعة؟
لا يؤدي تصنيف المجاعة إلى أي استجابة رسمية، لكنه يستطيع لفت الانتباه العالمي وتركيزه.
ويقول خبراء ومسؤولون في الأمم المتحدة إن تصنيف المجاعة في حالة السودان قد يؤدي إلى اتخاذ إجراءات من بينها قرار من مجلس الأمن يمنح الوكالات القدرة على تقديم الإغاثة عبر الحدود، على غرار قرار صدر بشأن سوريا في 2014.
لكن القرار قد يتعرض لاستخدام حق النقض (الفيتو)، وأبدى الجيش معارضته لتصنيف البلاد على أنها في حالة مجاعة خوفا من فقدان السلطة التي تمكنه من السيطرة على حدوده.
وقال مسؤولان من الأمم المتحدة في السودان لرويترز إنه ما دامت الحكومة المدعومة من الجيش تشغل مقعدا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، سيتعين على وكالات الأمم المتحدة طلب موافقتها احتراما لمبدأ سيادة الدولة.
وقد تتعقد جهود إرسال المساعدات بسبب سيطرة قوات الدعم السريع على دارفور. ويقول خبراء إن أي مهمة إغاثة ستحتاج إلى قوة دولية لفتح ممر إنساني.
ما التقييم الحالي في السودان؟
تقول نتائج نشرتها لجنة مراجعة المجاعة يوم الخميس إن مخيم زمزم للنازحين سيظل يعاني على الأرجح من ظروف المجاعة حتى أكتوبر تشرين الأول على الأقل.
وقالت اللجنة إنها حصرت استنتاجاتها على مخيم زمزم بسبب قلة البيانات وطبيعة الطلب المكلفة به.
وأضافت أن “مناطق أخرى من السودان، داخل دارفور أو في مواقع أخرى، من المحتمل أنها تعاني من المجاعة، وستظل معرضة لخطر المجاعة مع استمرار الصراع ومنع الوصول إلى المساعدات الإنسانية”.
وسبق أن خلص التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن نحو نصف سكان السودان البالغ عددهم 50 مليون نسمة يواجهون جوعا في مستوى الأزمة.
وقال التصنيف في يونيو حزيران إن نحو 755 ألفا و262 شخصا، من بينهم الموجودون في مخيم زمزم، يواجهون مستويات “كارثية” من الجوع وإن خطر المجاعة يلوح في 14 موقعا في أنحاء من البلاد.
ما مدى خطورة الأزمة الإنسانية في السودان؟
الأزمة الإنسانية في السودان واحدة من أسوأ الأزمات من نوعها في العالم.
وانتشرت الحرب في المناطق المدنية بما في ذلك العاصمة الخرطوم، مما أدى إلى إصابة المدنيين في تبادل لإطلاق النار بين الجيش وقوات الدعم السريع. وفي منطقة دارفور بغرب السودان، تواجه قوات الدعم السريع وحلفاؤها اتهامات بالتطهير العرقي لكنهم ينفون ذلك.
وتمخض الصراع في السودان عن أعداد من النازحين داخليا أكبر من أي دولة أخرى. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 10.7 مليون فروا من ديارهم من بينهم 7.9 مليون فروا في أثناء الحرب الحالية.
ولجأ 2.3 مليون غيرهم إلى الدول المجاورة منذ منتصف أبريل نيسان من العام الماضي، واستقبلت كل من تشاد وجنوب السودان ومصر مئات الآلاف من اللاجئين.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن النظام الصحي في السودان على حافة الهاوية، فلا يعمل إلا ربع المرافق الصحية في المناطق الأكثر تضررا من الحرب، ويحتاج نحو 15 مليونا إلى مساعدة صحية عاجلة للبقاء على قيد الحياة.
ما سبب الخطورة الشديدة للوضع؟
قبل اندلاع القتال، كان السودان يعاني بالفعل بسبب العقوبات والعزلة في عهد الرئيس السابق عمر البشير، وبعد الإطاحة به في عام 2019، عانت البلاد من الاضطرابات السياسية والركود الاقتصادي.
وتشكو وكالات الإغاثة من أنها تواجه منذ بدء الحرب مشاكل لوجستية وأمنية وبيروقراطية هائلة.
واتهمت الجيش بمنع المساعدات الإنسانية وقوات الدعم السريع بنهبها في المناطق التي تسيطر عليها. ونفى الجانبان عرقلة العمليات الإنسانية.
وحاول متطوعون محليون سد هذه الفجوة لكن جهودهم تقابل بريبة غالبا وتعرضوا للاستهداف أو واجهوا صعوبة في جمع التبرعات.
وأشاع القتال اضطرابات شديدة في الزراعة التي يعتمد عليها معظم السكان في دخلهم.
وحتى حين يتوفر الغذاء، يجد السكان صعوبة في شرائه. فقد انهارت البنوك مما جعل الكثير من الناس يعتمدون على المدفوعات عبر الهواتف المحمولة التي تعطلت بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كما أن العملة انخفضت قيمتها بسبب التضخم.