8 ديسمبر 2025
7 ديسمبر 2025
يمن فريدم-فخر العزب
مدرعة عسكرية شمالي مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، 8/8/2018 (Getty)


تقع محافظة حضرموت شرقي اليمن، وتعد أبرز محافظة يمنية في صراع النفوذ، لكونها المحافظة الأكبر من حيث المسافة (تمثل مساحتها 36% من مساحة البلاد)، وتحتوي على ثروات هائلة، إذ تنتج 80% من النفط اليمني، وتنتج الغاز وثروات أخرى، بالإضافة إلى امتلاكها لشريط ساحلي على البحر العربي يمتد لمسافة 360 كيلومتراً.

ويتجاوز عدد سكان حضرموت 1.8 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 193.032 كيلومتراً مربعاً، ويحدها من الشمال المملكة العربية السعودية، ويحدها من الجنوب بحر العرب، ومن الشرق محافظة المهرة الحدودية مع عمان، ومن الشمال الغربي محافظتا مأرب والجوف، ومن الغرب محافظة شبوة التي تعد مركزاً رئيسياً لإنتاج الغاز في اليمن.

أضف إلى ذلك أن المحافظة تتكون من حضرموت الساحل، وعاصمتها المكلا، وحضرموت الوادي، وعاصمتها سيئون. وفي حضرموت الوادي تقع الثروة النفطية للمحافظة، ومن أبرز الحقول النفطية فيها حوض المسيلة قطاع (14) الذي اكتُشف في عام 1993.

ويعتبر قطاع المسيلة النفطي في حضرموت من أكبر الحقول النفطية في اليمن، إذ يمثل أكثر من 39% من إجمالي الإنتاج النفطي، ويحتل المركز الأول بين القطاعات النفطية في البلاد بطاقة إنتاجية قدّرتها وزارة النفط اليمنية في عام 2006 بحوالى 51.7 مليون برميل.

ويوجد قطاع 14 النفطي في محافظة حضرموت ضمن أحواض المسيلة بسيئون، ومساحته تقدر بحوالى 1,257 كيلومتراً مربعاً، حيث تشكل قطاعات المسيلة – وبخاصة القطاعات 14، 10، 51، 32، 53 – العمود الفقري لإنتاج الخام، فيما تعتبر شركة بترومسيلة الوطنية الشركة المشغلة لهذا القطاع بعد أن تسلمته من المشغل السابق، شركة كنديات نكسن الكندية في عام 2011، إذ كانت خطة الشركة تهدف إلى حفر عدد من الآبار التطويرية وحفر بئرين استكشافيتين، إضافة إلى إجراء صيانة لعدد من الآبار والقيام بمسوحات جاذبية ومغناطيسية.

وتملك حضرموت مطارين جويين، هما مطار الريان في المكلا، ومطار سيئون في حضرموت الوادي، وعدداً من الموانئ البحرية، هي: ميناء المكلا، وميناء الشحر، وميناء الضبة النفطي. وتملك أيضاً منفذاً برياً مع السعودية، هو منفذ الوديعة البري الذي عبره ينتقل المسافرون وتُنقَل البضائع والمواد الغذائية من السعودية وإليها، ويعد واحداً من أبرز الأوعية الإيرادية للبلاد، ولكونه أهم منفذ بري بين اليمن والسعودية، فإن ذلك يجعل حضرموت ضمن أولويات الاهتمام السعودي باليمن.

حضرموت.. خريطة النفوذ العسكري

هناك المنطقة العسكرية الأولى، وهي إحدى المناطق العسكرية اليمنية السبع، ويقع مركز قيادتها في مدينة سيئون، وتتكون من سبع وحدات قتالية موزعة بين قوات برية وحرس حدود. بينما المنطقة العسكرية الثانية تتخذ من المكلا مقراً لها وتشمل أيضاً محافظة المهرة الواقعة على الحدود مع عمان، والتي تعد ثاني أكبر المحافظات اليمنية من حيث المساحة، وقد نجح الانتقالي الجنوبي بالسيطرة على المكلا وأصبحت المنطقة الثانية حليفة عسكرية له، بينما ظلت المنطقة العسكرية الأولى حجر عثرة أمام استكمال سيطرته الكاملة على كامل محافظة حضرموت، بما فيها حقول النفط الواقعة في حضرموت الوادي.

وتتكون محافظة حضرموت التي تنقسم إلى جزأين، من 28 مديرية، ومدينة المكلا عاصمة لها. يتكون الجزء الأول من ساحل وهضبة حضرموت وينقسم إلى 12 مديرية تسيطر عليها قوات النخبة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي والمدعومة من الإمارات، والتي تسيطر على قيادة المنطقة العسكرية الثانية المكونة من الأجزاء الجنوبية لحضرموت ومحافظتي المهرة وسقطرى، كذلك تسيطر على مواقع مهمة أبرزها مطار الريان الدولي في المكلا.

أما الجزء الثاني من محافظة حضرموت، فهو مديريات الوادي والصحراء التي تتكون من 16 مديرية وعاصمتها مدينة سيئون، وكانت إلى ما قبل بداية الأسبوع الحالي تقع تحت نفوذ قوات الحكومة المعترف بها دولياً المدعومة من السعودية، وتسيطر على مطار سيئون الدولي.

وبدعم من السعودية، تشكل في عام 2013 حلف قبائل حضرموت، ويرأسه الشيخ عمرو بن حبريش وكيل أول محافظة حضرموت، ويضم الحلف قبائل حضرموت وعشائرها، ويملك تشكيلاً عسكرياً وأمنياً واسع الانتشار في وادي حضرموت تحت اسم "قوات حماية حضرموت" ومقرها منطقة الهضبة في الوادي، حيث تتركز آبار النفط، ومن أبرز مطالب الحلف التي ينادي بها الحكم الذاتي لحضرموت، والحصول على حصة من المخزون النفطي في المحافظة، وتحسين البنية التحتية والخدمات العامة.

وأمام أطماع التوسع والسيطرة على محافظة حضرموت بالكامل، عمل الانتقالي الجنوبي على إنشاء تشكيلات عسكرية مثل (النخبة) و(قوات الدعم الأمني) حيث يهدف الانتقالي من خلال هذه التشكيلات العسكرية إلى السيطرة على وادي حضرموت، والسيطرة على حقول النفط فيه التي يسيطر عليها حلف قبائل حضرموت، بالإضافة إلى السيطرة على المنطقة العسكرية الأولى التي يتهمها بأنها تابعة لجماعة الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) وأنها تتخادم مع الحوثيين، وعبرها يُهرَّب السلاح للحوثيين.

ونهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، اتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي قراراً باجتياح حضرموت عسكرياً، وعمل بالتزامن مع إقامة عرض عسكري للقوات الجنوبية في عدن هو الأول منذ عام 1989 على التحشيد العسكري من المحافظات التي يسيطر عليها، فحشد آلاف المسلحين ومئات العربات والمدرعات العسكرية من محافظات عدن وأبين والضالع ولحج وشبوة إلى حضرموت الوادي.

وكان حلف قبائل حضرموت قد أعلن الأسبوع الماضي أن وحدات من قوات "حماية حضرموت" قامت بتأمين منشآت حقول نفط المسيلة"، مؤكداً أن تأمين حقول النفط جاء لغرض "تعزيز الأمن فيها والدفاع عن الثروات الوطنية من أي اعتداء أو تدخل خارجي، باعتبارها ثروة شعب وتحت غطاء الدولة الشرعية الرسمية".

والأربعاء سيطرت قوات الانتقالي على مدينة سيئون بالكامل، بعد أن قامت المنطقة العسكرية الأولى بتسليمها بشكل متسارع كلاً من مقر المنطقة والمعسكرات التابعة لها، والقصر الجمهوري، ومطار سيئون، ومجمع المكاتب الإدارية وغيرها من المقرات الأمنية والمدنية، وفي اليوم نفسه سلمت محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان بشكل كامل، مع محور الغيضة العسكري، والمنافذ الحدودية والموانئ، وجميع المقرات الحكومية في المحافظة.

كذلك تمكنت قوات الانتقالي بالسيطرة الخميس، على حقول النفط، وأعادت انتشارها في محيط الشركات النفطية في هضبة حضرموت شمال شرقي اليمن، وبسطت سيطرتها على جميع النقاط والمواقع، وذلك عقب هجوم شنته على قوات حماية حضرموت التابعة لحلف قبائل حضرموت.

وقالت قناة عدن المستقلة التابعة للانتقالي الجنوبي، إن قوات "النخبة الحضرمية"، استعادت مواقعها لحماية الشركات النفطية وبسطت سيطرتها على جميع النقاط، مبررة الهجوم على قوات الحلف، بأنه جاء على خلفية "خلافات داخلية" بين قادة قوات حماية حضرموت الشيخ عمرو بن حبريش والعوبثاني وبن حريز، بشأن تنفيذ اتفاق التهدئة بين السلطة المحلية وحلف قبائل حضرموت برعاية سعودية.

وقالت قوات النخبة الحضرمية إنها فرضت سيطرتها الكاملة على مواقع الشركات النفطية في منطقة المسيلة بمحافظة حضرموت، عقب عملية عسكرية واسعة بدأت مع ساعات الفجر الأولى. وأضافت القوات أن وحداتها نفذت انتشاراً شاملاً في القطاعات النفطية، شمل محيط الشركات وطرق الإمداد الحيوية، ما أدى إلى انسحاب مجاميع تابعة للشيخ عمرو بن حبريش من مواقعها بعد اشتباكات محدودة في بعض النقاط.

وبهذه السيطرة يكون المجلس الانتقالي الجنوبي قد سيطر بشكل كامل على محافظتي حضرموت والمهرة اللتين تمثلان نصف مساحة اليمن، وهو يسيطر بشكل شبه كامل على بقية المحافظات الجنوبية، وهي المساحة الجغرافية لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، التي يقول إنه يهدف إلى استعادتها، وتحقيق مطلب الانفصال.

(العربي الجديد)

 

الفيس بوك
تويتر

جميع الحقوق محفوظة YemenFreedom ---- تصميم وبرمجة ALRAJIHI